الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوارث بين أهل الجنة والنار

السؤال

هل يرث أهل النار ميراث أهل الجنة في النار؟ وهل يرث أهل الجنة ميراث أهل النار في الجنة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد دلت السنة على أن من دخل النار ورث أهل الجنة منزله كما في الحديث الذي رواه اِبْن مَاجَهْ وَأَحْمَد بِسَنَدٍ صَحِحه الحافظ في الفتح من حديث أَبِي هُرَيْرَة مرفوعا: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ: مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّة، وَمَنْزِلٌ فِي النَّار، فَإِذَا مَاتَ وَدَخَلَ النَّار وَرِثَ أَهْل الْجَنَّة مَنْزِلَهُ، وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: أُولَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ.

قال الحافظ: وَقَالَ جُمْهُور الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ ـ الْآيَةَ: الْمُرَاد أَرْض الْجَنَّة الَّتِي كَانَتْ لِأَهْلِ النَّار لَوْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَهُوَ مُوَافِق لِهَذَا الْحَدِيث. اهـ.

كما دلت السنة أيضا على أن أهل النار يخلفون المؤمن في مكانه الذي كان معدا له في النار لو دخلها، كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَيَقُولُ هَذَا فِكَاكُكَ مِنْ النَّارِ. اهـ.

قال النووي في شرح مسلم: وَفِي رِوَايَة: لَا يَمُوت رَجُل مُسْلِم إِلَّا أَدْخَلَ اللَّه مَكَانه النَّار يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا ـ وَفِي رِوَايَة: يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة نَاس مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَال الْجِبَال فَيَغْفِرهَا اللَّه لَهُمْ وَيَضَعهَا عَلَى الْيَهُود وَالنَّصَارَى ـ الْفَكَاك: بِفَتْحِ الْفَاء وَكَسْرهَا الْفَتْح أَفْصَح وَأَشْهَر، وَهُوَ: الْخَلَاص وَالْفِدَاء، وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث مَا جَاءَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة: لِكُلِّ أَحَد مَنْزِل فِي الْجَنَّة وَمَنْزِل فِي النَّار، فَالْمُؤْمِن إِذَا دَخَلَ الْجَنَّة خَلَفَه الْكَافِر فِي النَّار لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِكُفْرِهِ ـ مَعْنَى: فَكَاكك مِنْ النَّار ـ أَنَّك كُنْت مُعَرَّضًا لِدُخُولِ النَّار، وَهَذَا فَكَاكك، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدَّرَ لَهَا عَدَدًا يَمْلَؤُهَا، فَإِذَا دَخَلَهَا الْكُفَّار بِكُفْرِهِمْ وَذُنُوبهمْ صَارُوا فِي مَعْنَى الْفَكَاك لِلْمُسْلِمِينَ. اهـ.

فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يدخلنا الجنة ويحرمنا على النار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني