الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذمة الميت تبرأ بسداد ديونه

السؤال

توفي والدي حديثا وقد ترك دينا بمبلغ كبير وأخذت أمي عهدا على نفسها أن تسدده له من مال الدية ومن مال له، فهل يسقط الإثم عن والدي؟ وهل يعذب في قبره حتى وإن تكفلت أمي بسداد دينه؟ وماهو عذاب من ترك دينا قبل موته، علما أنه ـ ولله الحمد ـ توفي وهو صائم ونطق بالشهادة قبل موته؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يرحم والدك رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح جناته ويلهمكم الصبر، أما بالنسبة لما سألت عنه، فما دام الوالد قد ترك مالا ولو من دية، فيجب تسديد ديونه كلها منه قبل قسمته، ولو أتت على جميع ما ترك، لأنه لا ينظر إلى وصية ولا إرث إلا بعد قضاء دين الميت كله، كما سبق في الفتوى رقم: 110702.

وإن كانت تركته لا تفي بقضاء جميع ديونه فلا يجب على الزوجة ولا غيرها من الورثة أن يتحملوا قضاء ما بقي منها، قال ابن قدامة في المغني: لا يلزم الولد قضاء دين والده.انتهى.

لكن يستحب لهم ذلك، لما فيه من الإحسان إليه، أما ما يفهم من السؤال من أن أمك قد أخذت عهدا على نفسها بسداد ديون زوجها من التركة فهذا تحصيل حاصل، لأن سداد دين الميت من تركته واجب على كل حال، ولا شيء عليها، لأن العهد ليس أشد إلزاما من النذر، ونذر ما هو واجب غير منعقد لدى الجمهور، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 125080.

ثم إن ذمة الميت تبرأ بسداد ديونه، ويسقط عنه الإثم، إن كان عليه إثم بسبب التقصير في أداء دين حلَّ عليه قبل موته
فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: توفي رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيومين: ما فعل الديناران؟ قلت: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت جلدته. رواه أحمد بإسناد حسن والحاكم والدارقطني، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ـ ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه باختصار.

قال الشوكاني: فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه، لا بمجرد التحمل بالدين بلفظ الضمانة. انتهى.

ولبيان حكم الوفاء بالعهد وما يجب في حال عدم الوفاء به يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 133441، ورقم: 168613

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 96591.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني