الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع تغيير الأقوال حول السارقين رعاية لزوجاتهم وأولادهم

السؤال

قام ثلاثة أشخاص بسرقة سيارتي مني بالإكراه بعد أن قاموا بشد وثاقي بالحبل وضربي، وأخذ هاتفي المحمول.
بعد ذلك اتصلوا بي هاتفيا وقاموا بابتزازي مالياً وأخذوا مني خمسة آلاف جنيه على أساس فدية للسيارة، وقمت بوضع المال في المكان المحدد ولكنهم غافلوني وأخذوا خمسة آلاف أخرى ثم عاودوا الاتصال ثانية وطلبوا سبعة عشر ألف جنيهاً، ولكني في تلك المرة قمت أنا إخواني وأقاربي بالقبض عليهم في المكان الذي قاموا بتحديده لنا، وعند القبض عليهم وجدنا معهم سيارة أخرى مسروقة .
وبعد أن قبضنا عليهم طبعاً قمنا بضربهم ضرباً مبرحاً حتى أبلغونا عن مكان سيارتنا، وبالفعل أحضرناها وقمنا بإبلاغ الشرطة وتم القبض عليهم وعمل المحضر اللازم وهم الآن في السجن على ذمه القضية.
الآن جاء إلينا أهل اثنين من هؤلاء السارقين وقاموا بإرجاع الخمسة آلاف جنيه والاعتذار عما حدث من أبنائهم، وطلبوا مني أن أذهب إلى المحكمه و أشهد أمام القاضي بأنهم ليسوا هم الذين سرقوا السيارة ( وأنا كاتب في المحضر بأنهم هم السارقون )
وحجة أهل اللصوص في العفو أنه لدى هؤلاء اللصوص أولاد صغار وزوجات، وأننا إذا لم نغير أقوالنا سوف يضيع مستقبلهم ومستقبل ذويهم .
السؤال: هل يجوز لنا شرعاً أن نقوم بتغيير أقوالنا أمام القاضي حتى تبطل القضية ويخرج هؤلاء اللصوص من محبسهم ؟
وجزاكم الله خيراً وسدد الله على طريق الحق خطاكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لكم أن تغيروا أقوالكم أمام القاضي؛ لأن ذلك من الكذب وشهادة الزور، وهي من أكبر الكبائر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أحدثكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا، فقال: وشهادة الزور أو قول الزور. متفق عليه.
وأما مسألة العفو عن الجناة، فهذا إنما يكون قبل أن يرفع أمرهم إلى الحاكم؛ فعن ابن عباس قال: كان صفوان نائما في المسجد ورداؤه تحته فسرق، فقام وقد ذهب الرجل فأدركه فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه، قال صفوان: يا رسول الله ما بلغ ردائي أن يقطع فيه رجل ! قال: هلا كان هذا قبل أن تأتينا به. رواه النسائي و أبو داود و ابن ماجه و أحمد. وصححه الألباني. وقد سبق لنا مزيد بيان لهذا في الفتوى رقم: 44931.
وأما مسألة الزوجات والأولاد الصغار وضياع المستقبل !! فهذا إن كان منه شيء فبجناية هؤلاء المجرمين المفسدين في الأرض، لا بسبب إقامة ما يمكن من العدل فيهم ومعاقبتهم. ثم من يدري لعل حال أولادهم يكون أقرب إلى الصلاح بغياب آبائهم عنهم، طالما كانوا على هذه الحال من الإجرام.

ثم ننبه الأخ السائل على أن معاقبة أمثال هؤلاء، فيه مصلحة متعدية للمجتمع ككل، لما في ذلك من ردع أمثالهم والنكال بهم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني