الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقبل الخاطب إن كان منتميا للطريقة الصوفية التيجانية

السؤال

مؤخرا تقدم للزواج من إحدى الأخوات من معارفي شاب مغربي ينتمي إلى الطريقة الصوفية التجانية، فهل من فتوى أو حكم للشرع في ذلك الأمر؟ وأرجو جزاكم الله خيرا إن أمكن أن تزودوني بإجابة وشرح وافيين عن الموضوع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا أن فصلنا في حكم تزويج المبتدع في الفتويين رقم: 164319، ورقم: 43003.

وبينا أيضا ضلال الطريقة التيجانية في الفتويين رقم: 139109، ورقم: 11073.

وكثير منهم يعتقدون عقائد مكفرة كفرا مخرجا من الملة كوحدة الوجود وأن كل الأديان حق, فإذا كان صاحبك يعتقد شيئا من تلك الاعتقادات فلا يجوز تزويجه وينبغي لك نصح تلك العائلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. رواه مسلم.

ومن النصح للمسلمين دفع الضرر عنهم, قال الإمام النووي رحمه الله: وَأَمَّا نَصِيحَة عَامَّة الْمُسْلِمِينَ ـ وَهُمْ مَنْ عَدَا وُلَاة الْأَمْر ـ فَإِرْشَادهمْ لِمَصَالِحِهِمْ فِي آخِرَتهمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَكَفّ الْأَذَى عَنْهُمْ فَيُعَلِّمهُمْ مَا يَجْهَلُونَهُ مِنْ دِينهمْ، وَيُعِينهُمْ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل وَسِتْر عَوْرَاتهمْ، وَسَدّ خَلَّاتهمْ، وَدَفْع الْمَضَارّ عَنْهُمْ، وَجَلْب الْمَنَافِع لَهُمْ، وَأَمْرهمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيهمْ عَنْ الْمُنْكَر بِرِفْقٍ وَإِخْلَاصٍ وَالشَّفَقَة عَلَيْهِمْ، وَتَوْقِير كَبِيرهمْ، وَرَحْمَة صَغِيرهمْ، وَتَخَوُّلهمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة، وَتَرْك غِشِّهِمْ وَحَسَدِهِمْ، وَأَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنْ الْخَيْر، وَيَكْرَه لَهُمْ مَا يَكْرَه لِنَفْسِهِ مِنْ الْمَكْرُوه، وَالذَّبّ عَنْ أَمْوَالهمْ وَأَعْرَاضهمْ. اهــ.

وإذا لم تكن بدعته مكفرة فإنه ينبغي ألا يزوج من امرأة سنية، فقد حذر العلماء من معاملة المبتدعة تحذيرا شديدا، ولذا قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ كما في المدونة: لا ينكح أهل البدع، ولا ينكح إليهم، ولا يسلم عليهم...

ولأن في تزويجه خطرا على عقيدة المرأة نفسها وأولادها منه, وذهب بعض أهل العلم إلى أن المبتدع ليس كفؤا للسنية في النكاح، كما قال في أسنى المطالب: وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ ليس بِكُفْءٍ لِلْعَفِيفَةِ وَالسُّنِّيَّةِ، قال تَعَالَى: أَفَمَنْ كان مُؤْمِنًا كَمَنْ كان فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ. اهــ.

ومثله في مطالب أولي النهى: قَالَ الْقَاضِي: الْمُبْتَدِعُ إنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ كَالْمُرْتَدِّ, وَإِنْ حَكَمْنَا بِفِسْقِهِ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ, وَإِنْ لَمْ نَحْكُمْ بِكُفْرِهِ وَلَا فِسْقِهِ وَهُوَ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا لَا يَدْعُو إلَى ذَلِكَ، صَحَّ النِّكَاحُ. اهــ.

فالأمر فيه خطورة لا يستهان بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني