الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة أدنى أهل الجنة ونعيم أعلاهم منزلة

السؤال

بالنسبة لهذا الحديث: فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا فيقال له : ارفع رأسك ما لك ؟ فيقول رأيت ربي أو تراءى لي ربي فيقال : إنما هو منزل من منازلك . قال : ثم يلقى رجلا فيتهيأ للسجود له فيقال له : مه فيقول : رأيت أنك ملك من الملائكة فيقول : إنما أنا خازن من خزانك وعبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على ما أنا عليه . قال : فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر ، قال : وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا كل باب يفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة ، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى ، في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها ، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا ، فيقال له : أشرف فيشرف فيقال له : ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك . قال : فقال عمر : ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم ؟ قال : يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت، إن الله جل ذكره خلق دارا جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ، ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة ، ثم قرأ كعب : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } . قال : وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه ، ثم قال : من كان كتابه في عليين نزل في تلك الدار التي لم يرها أحد حتى إن الرجل من أهل عليين يخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه ، فيقولون : واها لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه ، فيقولون : واها لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه . قال : ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها ، فقال كعب : إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر لركبتيه ، حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول : رب نفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أن لا تنجو.
هل هذا حال أدنى أهل الجنة منزلا حتى لو عذب في النار ثم خرج منها. هل بعد خروجه من النار يكون نعيمه في الجنة بهذا الحال المذكور في الحديث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ما ذكر في هذا الحديث هو منزلة أدنى أهل الجنة درجة، وقد جاء في أول الحديث: منهم من يمر كطرفة العين ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرجل حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر يد وتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص، فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحدا إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها. قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم فيرى ما في الجنة من خلل الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول له أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار فيقول رب جعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسها، قال فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم فيقول رب أعطني ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره وأي منزل أحسن منه، فيعطاه فينزله ويرى أمام ذلك منزلا كأن ما هو فيه إليه حلم قال رب أعطني ذلك المنزل فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك يا رب وأي منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ثم يسكت فيقول لله جل ذكره ما لك لا تسأل فيقول رب قد سألتك حتى استحييتك وأقسمت حتى استحييتك فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه فيقول أتهزأ بي وأنت رب العزة فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله. قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك . فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن. . قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه. قال فيقول الرب جل ذكره لا ولكني على ذلك قادر سل فيقول ألحقني بالناس فيقول الحق بالناس فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا... إلى آخر الحديث.

أما أهل الدرجات العلا فإن الله تعالى أعد لهم من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ كما جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم قال أبو هريرة -في بعض روايات الحديث – "واقرؤوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون. ".
وانظر الفتوى: 165593.
والحديث المذكور صححه الألباني؛ وقال عنه في صحيح الترغيب والترهيب: رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والحاكم هكذا عن ابن مسعود مرفوعا. وآخره من قوله: إن الله جل ذكره خلق دارا إلى آخره موقوفا على كعب، وأحد طرق الطبراني صحيح واللفظ له، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وهو في مسلم بنحوه باختصار عنه"

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني