الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مقارنة النية لتكبيرة الإحرام بين الشافعية والجمهور

السؤال

ما الدليل الشرعي على وجوب إقران نية الصلاة بتكبيرة الإحرام عند بعض العلماء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنريد أولا التنبيه إلى أن جمهور أهل العلم على أن مقارنة النية لتكبيرة الإحرام ليس بشرط في صحة الصلاة، بل يجوز تقديمها بزمن يسير، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 164687.

وعند الشافعية لا بد من مقارنة النية لتكبيرة الإحرام، لأنها أول فرض فيتعين أن تكون مقارنة للتكبير، ودليل هؤلاء قوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ {البينة:5}.

فالإخلاص هنا النية ـ وقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات.

ولأن النية شرط فلا يمكن أن يخلو منها جزء من العبادة.

ودليل غيرهم من أهل العلم أن تقديم النية على الفعل لا يخرجه عن كونه منويا ولا يترتب على ذلك وصف الفاعل بكونه غير مخلص، جاء في المغني لابن قدامة: قال أصحابنا: يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير، وإن طال الفصل أو فسخ نيته بذلك، لم يجزئه، وحمل القاضي كلام الخرقي على هذا، وفسره به، وهذا مذهب أبي حنيفة، وقال الشافعي وابن المنذر يشترط مقارنة النية للتكبير، لقوله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين {البينة: 5} فقوله: مخلصين ـ حال لهم في وقت العبادة، فإن الحال وصف هيئة الفاعل وقت الفعل، والإخلاص هو النية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات ـ ولأن النية شرط، فلم يجز أن تخلو العبادة عنها، كسائر شروطها، ولنا، أنها عبادة فجاز تقديم نيتها عليها، كالصوم وتقديم النية على الفعل لا يخرجه عن كونه منويا، ولا يخرج الفاعل عن كونه مخلصا، بدليل الصوم، والزكاة إذا دفعها إلى وكيله، كسائر الأفعال في أثناء العبادة. انتهى.

وفي المهذب للشيرازي الشافعي: ويجب أن تكون النية مقارنة للتكبير، لأنه أول فرض من فروض الصلاة فيجب أن تكون مقارنة له. انتهى.

وذهب بعض أهل العلم إلى جواز تقدم النية على تكبيرة الإحرام بالزمن الكثير ما لم ينو الشخص فسخ النية، جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: وقال بعض العلماء: بل تصحُّ ما لم ينوِ فَسْخَها، لأن نيَّتَه مستصحبَةُ الحكم ما لم ينوِ الفسخ، فهذا الرَّجُل لما أذَّن قام فتوضَّأ ليُصَلِّيَ، ثم عزبت النيَّة عن خاطره، ثم لمَّا أُقيمت الصلاة دخل في الصَّلاة بدون نيَّة جديدة، فعلى كلام المؤلِّف لا تصحُّ الصَّلاة، لأنَّ النيَّة سبقت الفعل بزمن كثير، وعلى القول الثاني تصحُّ الصَّلاة، لأنه لم يفسخ النيَّة الأولى فحكمها مستصحب إلى الفعل، وهذا القول أصحُّ، لعموم قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: إنما الأعمال بالنيَّات ـ وهذا قد نوى أن يُصلِّي، ولم يطرأ على نيَّته ما يفسخها. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 132505.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني