الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم فعل الطاعة بنية ستر المعصية أو تحقيق الأمنية

السؤال

هل يجوز التصدق أو الصوم أو الصلاة أو عمل الخير {أعني التطوع غير الفريضة} بنية الستر من كبيرة من الكبائر . أو تحقيق أمنية مثلا الزيادة في الطول؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ستر الكبائر على العبد وغفرانها له وعدم المؤاخذة بها يكون بالاستغفار والتوبة منها.. كما قال تعالى:وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}. وقال تعالى:إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}. والغَفُورُ والغَفّارُ جلّ ثناؤه معناهما الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم. وأَصل الغَفْرِ التغطية والستر، وغَفَرَ الله ذنوبه أَي سترها. انظر لسان العرب.

ولا مانع من فعل الطاعة بنية ستر المعصية؛ لأنه يجوز للمسلم أن يقوم بالأعمال الصالحة ويرجو من الله بها ستر الذنوب وغفرانها وجلب النعم ودفع النقم؛ فينبغي للمسلم أن يقدم بين يدي حاجته عند الله قربة تقربه من الله، كما في صلاة الحاجة التي وردت في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحّحه بعض العلماء، وقالوا بمشروعية هذه الصلاة عند الحاجة كما في الفتوى رقم: 3749 .

قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح عند شرحه لحديث صلاة الحاجة: والحديث يدل على مشروعية الصلاة عند الحاجة أيّ حاجة كانت بشرط أن تكون مباحة.

وقال الحافظ في الفتح تعقيبا على ما يستفاد من حديث كعب بن مالك وقصة المخلفين: ويستفاد منه "استحباب الصدقة عند التوبة".

ونافلة الصدقة والصوم والصلاة.. لا شك أنها من الأعمال الصالحة، ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى، ولا شك أنها من أسباب ذهاب السيئات ومحو آثارها كما قال تعالى:إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:وأتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه الترمذي وحسنه الألباني. وهي كذلك من أسباب الفلاح وإجابة الدعاء لمن توسل بها لستر ذنوبه.. فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ {المائدة:35}.

قال أهل التفسير : اطلبوا القربة إليه بالعمل الصالح وما يرضيه عنكم، أو ما تتوسلون به إلى ثوابه والزلفى منه بفعل الطاعات وترك المعاصي؛ فإذا تاب العبد وتصدق أو صام أو صلى فإن الله تعالى يغفر ذنبه ويستر عيبه.

والحاصل أنه يجوز للمسلم التصدق.. وعمل الطاعات بنية ستر معصيته أوغير ذلك من حوائجه.

وأما الدعاء بالزيادة في الطول إذا كان المقصود به طول القامة بعد استقرارها فإن فيه نوعا من الاعتداء في الدعاء المنهي عنه شرعا؛ لأن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن كونية ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن الكونية. وانظر الفتوى رقم : 23425.
هذا وإن طول القامة أو قصرها لا يعني كبير شيء في ميزان الله تعالى وقيمة عباده عنده وإنما قيمة العبد بقدر إيمانه وتقواه. وانظر الفتوى رقم: 18380.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني