الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إبقاء المشتري بعض نقوده عند البائع في حال لم يوجد لديه بقيته

السؤال

مشائخنا الكرام في إحدى الفتاوى في الموقع حول البيع والصرف وصيغتها بالمعنى: لو اشترى شخص بضاعة من صاحب محل مثلا بقيمة سبعين ريالا وأعطى المشتري البائع مائة ريال، ولم تكن لدى البائع ثلاثون ريالا ليردها للمشتري، فطلب البائع من المشتري أن يأتي في وقت لاحق. فقلتم جزاكم الله خيرا إن في المسألة خلافا بين العلماء، واللجنة الدائمة ترى الجواز لأنها باعتبارها أمانة عند البائع وابن عثيمين يرى التحريم كما في لقاءات الباب المفتوح، لأنه جمع بين البيع والصرف. على هذا عندي إشكالان :
1- الشيخ ابن عثيمين ( كما في كتاب ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين من تأليف د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي أحد تلاميذ الشيخ ) ذكر أن هذا الفعل جائز لأنه باعتباره أمانة عند البائع كما ذكرت اللجنة الدائمة، وفي لقاءات الباب المفتوح ذكر أنه محرم . فأيهما القول الأخير للشيخ؟
2- الإشكال الثاني حول العلة ( علة الجواز وهي باعتبارة أمانة عند البائع ) ألا ترون أن هذه العلة غير قوية، فبعض أهل العلم يرون الجواز لكن بعلة أخرى وهي أنه جاء الصرف تبعا وليس مقصودا بذاته لذلك عفي عنه. وبهذا قال د. سعد الخثلان وأحد طلبة الشيخ ابن عثيمن عندنا وغيرهم، ثم الذين يعتبرونها أمانة عند البائع ألا يكون الباقي عند البائع في الصرف المحض دون أي شراء أمانة عند البائع مع أنهم يقولون بتحريم هذا في الصرف المحض.
هذه الأسئلة مجرد إشكالات أريد الجواب عليها وليست ردودا فحاشى أن يتطاول مثلي على أهل العلم الكبار وعفوا على الإطالة. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما أشرت إليه حول ترك المشتري بقية المبلغ لدى البائع في حال عدم وجود صرف لديه، قد ذكرنا أنه يعتبر أمانة، ولا حرج في ذلك، سواء اتفقا على أخذه بعد زمن يسير أو كثير. وانظر هاتين الفتويين: 9407 / 93366 وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء كما في فتاويها 13/180 السؤال التالي : أفيدكم بأني صاحب بقالة، وقد واجهتني مشكلة في البيع، وهي أني أحيانًا إذا جاءني المشتري واشترى بعض الأشياء وأعطاني مبلغًا فيبقى له باقي، فإذا لم يكن لدي صرف أي بقي له عندي مبلغ يقول : غدًا آتيك وآخذ الباقي، مثال ذلك : ( إذا اشترى بمبلغ 50 ريالًا يعطيني 100 ، فلا أجد عندي 50 ريالًا، فيقول : أبقها عندك إلى وقت آخر ) ، فهذه - يا سماحة الشيخ - أخبرني بعض الناس أنها صورة من صور الربا، وأنا لا أستطيع إقناع المشترين، فأرجو من سماحتكم تزويدي بفتوى خطية عاجلة لكي أكون على بصيرة . فأجابوا: ليس في إبقاء المشتري بعض نقوده عند البائع شيء من الربا ؛ لأن هذا من باب البيع وائتمان البائع على بقية الثمن، وليس من باب الصرف . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد .
وأما ما ذكرته عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من قوله بمنعه وما نقل عنه من جوازه يحتاج إلى تتبع المتأخر من القولين وهل كان الشيخ يقصد نفس المسألة أو غيرها لأن الفتوى إنما تكون على طبق السؤال، وليس من شأن الموقع تتبع أراء العلماء ومناقشتها؛ لكن الراجح في المسألة ما ذكرناه.

وأما القول بكون الباقي أمانة يعتبر تخريجا غير قوي فلا نراه كذلك، لأنه تفسير وتخريج قوي لبقاء ما زاد بيد البائع مما لا حق له فيه من الثمن، وهذا ألصق بحقيقته من غيره، لأنه ليس عقد مصارفة، ولو حصلت المصارفة بعد ذلك عليه دون اتفاق في العقد الأول فلا حرج فيها ولا تؤثر في جواز بقائه بيد البائع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني