الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك الوصي القيام على التجارة والأموال الخاصة بالورثة

السؤال

أرجو أن يتسع صدركم لسؤالي واستيعاب جوانبه، والذي تعد إجابته بالنسبة لي دينية ونفسية.
توفي والدي وتركني وأخي الأكبر، وزوجة أبي، وأخوين قاصرين منها، وترك لنا تجارة كانت بالاشتراك بين أبي وعمي، وكانت الأمور ميسورة وقت وفاة والدي .
تحملت الجزء الأكبر من إدارة العمل نظرا لأن أخي يعد من أكسل مخلوقات الله لا يحب العمل إطلاقا، وزوجة أبي عملها طلب المال وكنزه عن الرؤية المستقبلية ودائما تسأل هل من مزيد..الآن بعد ذلك وجدت نفسي في وسط دائرة من الجشع، لم يكتف كل هؤلاء بما قسمناه من دخل شهري لكل واحد منهم، وكنت لهم بمثابة صوت العقل تارة أنصح وتارة أمنع إلى أن فاض بي الكيل وفارقني النوم وصاحبتني علة نفسية..
سنتان من العذاب معهم حتى تركت التجارة ووفقني الله لوظيفة أحمد الله ليل نهار عليها، وتركتهم وكانت الأمور ميسورة معهم إلى حد ما أيضا، ووجهت لهم النصيحة للمرة الأخيرة بعدم الإسراف أو وقف التجارة..
الآن يواجهون عواقب وخيمة جدا من ديون وضيق في الرزق والتجارة شبه متوقفة. وأنا أواجه تأنيب ضمير -خارج عن إرادتي- بأني تركتهم ولم أقف بجانبهم وأن الله من علي بتلك الوظيفة دونهم - لكنها جاءت باجتهاد شديد مني ولافضل لهم فيها -
ولكن تقتلني تلك الأسئلة، بالفعل تقتلني..
هل فعلا أنا مقصر؟؟ هل سأسأل عن هذا أمام الله؟؟ وهل إحساسي بتأنيب الضمير لأني أعد الآن أحسن ظروفا منهم يعد من الجحود وإنكار نعمة الله علي الذي أسأله دائما وأبدا أن يوزعني أن أشكر نعمته التي أنعم علي وعلى والدي..
مع الأخذ في الاعتبار.. أني أساعد أخي الأكبر الآن وأخوي القاصرين بمبلغ شهري من المال، وأتولى حل جميع المشاكل التي ترد من باقي إرث أبي بخلاف التجارة التي تركت ترسبات سلبية ونفسية بداخلي.
أرجوكم الإجابة بما يشرح الله به صدري ولو تطلب الأمر ما يتطلب من وقت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في ترك القيام على التجارة والأموال الخاصة بالورثة، إلا إذا كان أبوك قد أوصى إليك بالقيام بأمر إخوتك الصغار أو عينك القاضي وصيا عليهم، ففي جواز ترك ذلك خلاف بين أهل العلم.

قال ابن قدامة (رحمه الله) : وله عزل نفسه متى شاء، مع القدرة والعجز، في حياة الموصي وبعد موته، بمشهد منه وفي غيبته. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يجوز له ذلك بعد الموت بحال. المغني لابن قدامة.

وإذا كان إخوتك محتاجين للنفقة وكنت موسرا فالراجح عندنا أنه يجب عليك أن تنفق عليهم بالمعروف؛ كما بيناه في الفتوى رقم : 44020
وعلى كل تقدير فإن إعانتك لإخوتك بالمال وحل مشكلاتهم عمل صالح من أفضل الأعمال التي يحبها الله ومن أسباب البركة في العمر والرزق، واعلم أن شعورك بالتقصير نحو إخوتك ليس من جحود نعمة الله عليك؛ بل هو علامة خير ودليل على يقظة الضمير وحياة القلب .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني