الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حذف الضمير وإثباته في قوله تعالى (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ) جائز لغة ورواية

السؤال

عند افتتاح الخطبة يقال: .... من يهدِهِ الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له... بدون الضمير في "يضلل"، ما السبب أو الحكمة كما يقال: "لا هادي إلاّ من هداه الله"، فهل يقال في المقابل "لا ضالّ إلاّ من أضلّه الله"، مع العلم بأنّ هناك آيات تدلّ في ظاهرها على نسبة الإضلال إلى الله سبحانه، منها: مَنْ يَهدِهِ الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجدَ له وليّا مرشدًا، ومنها: ومن يضلل الله فما له من هادٍ. ومنها: وأضلّه الله على علم، إلى غير ذلك من الآيات. وفقكم الله وسدّد خطاكم، وجزاكم الله عن الإسلام خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمعتقد أهل السنة والجماعة أن الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وقد دلت على ذلك نصوص كثيرة جدا سوى ما ذكرته، وهدايته من هداه فضل منه ورحمة، وإضلاله من أضله عدل منه وحكمة، وهو المحمود على كل حال سبحانه وبحمده، وأما الضمير فحذفه وإثباته في الموضعين جائز لغة لأنه فضلة.

وقد قال ابن مالك في الخلاصة:

وحذف فضلة أجز إن لم يضر.

ولذا ورد في بعض الروايات بإثبات الضمير في الموضعين وفي بعضها بحذفه فيهما.

قال في عون المعبود: (مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ) بِإِثْبَاتِ الضَّمِيرِ أَيْ مَنْ يُوَفِّقْهُ لِلْعِبَادَةِ (فَلَا مُضِلَّ لَهُ) أَيْ مِنْ شَيْطَانٍ وَنَفْسٍ وَغَيْرِهِمَا (وَمَنْ يُضْلِلْ) بِحَذْفِ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِثْبَاتِ الضَّمِيرِ (فَلَا هَادِيَ لَهُ) أَيْ لَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَبِيّ. انتهى.

وقال في تحفة الأحوذي: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ) وفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ بِإِثْبَاتِ الضَّمِيرِ، وكذلك في رواية أبي داود والنسائي وابن مَاجَهْ. انتهى.

فظهر لك ما قررناه من أن حذف الضمير وإثباته في الموضعين جائز لغة وقد وردت به الرواية، والمعنى على كل تقدير واضح مطابق لمعتقد أهل السنة والجماعة من أن الهداية والإضلال بيد الله وحده لا شريك له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني