الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يجيز غيره من قرأ على شيخ عدة أجزاء ثم أكمل الختمة على شيخ آخر

السؤال

عندي إجازة بالقراءات العشر، لكن الختمة الغيبية قرأتها على أستاذين: الأول قرأت عليه 10 أجزاء، والآخر أكملت الختمة عنده. هل تعتبر هذه الإجازة صحيحة، وهل أستطيع أن اُجيز بها؟ علماً بأن كلا الأستاذين سندهما واحد، والاختلاف يقع في اسم أول شيخين، أما باقي السند، فواحد متصل، وإذا كنت أستطيع أن اُجيز بها، كيف يتم كتابة السند في إجازة طالبي، هل بذكر اسم كلا الأستاذين، أم أكتفي باسم من أكملت عنده الختمة، وقرأت عليه القسم الأكبر، كما هو مذكور بالإجازة التي عندي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك الاشتغال بالقرآن، ونيل الإجازة بالقراءات العشر، ونفيدك بأن الإجازة صحيحة، وإذا أردت أن تجيز أحد الطلبة، فلا بأس بأن تذكر القدر الذي قرأته على شيخك الأول، وما أجازك فيه، وتذكر كذلك القدر الذي قرأته على شيخك الثاني، وما أجازك فيه، هذا إن كان كل من الشيخين أجازك، وأما إذا أجازك الأخير فقط، فاذكر أنه هو الذي أجازك، ولا تذكر غيره.

وبالنسبة للسند، فقد ذكرت أن شيخيك اختلفا في أول شيخين، فيمكنك أن تذكرهما، ثم تذكر بقية السند الذي اتفقا فيه، فقد جاء في كتاب النشر في القراءات العشر لابن الجزري: وَقَرَأْتُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ بِمَا دَخَلَ فِي تِلَاوَتِي مِنْ مُضَمَّنِهِ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ، وَغَيْرِهَا عَلَى الشُّيُوخِ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْمَعَالِي مُحَمَّدِ بْنِ اللَّبَّانِ الدِّمَشْقِيِّ، وَالْعَلَّامَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّائِغِ، وَالْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيِّ، وَإِلَى قَوْلِهِ -تَعَالَى-: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ مِنَ النَّحْلِ عَلَى الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْجُنْدِيِّ، وَقَرَأَ ابْنُ اللَّبَّانِ بِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ فَقَطْ عَلَى شَيْخِهِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ الْوَجِيهِ الْوَاسِطِيِّ، وَقَرَأَ هُوَ بِجَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْقِرَاءَاتِ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ غَزَالٍ الْوَاسِطِيِّ، وَقَرَأَ بِهِ عَلَى الشَّرِيفِ أَبِي الْبَدْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الدَّاعِي، وَقَرَأَ بِهِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْكَالِ الْحُلِيِّ، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَنْصُورِ بْنِ الْبَاقِلَّانِيِّ الْوَاسِطِيِّ، وَقَرَأَ ابْنُ الْكَالِ بِهِ عَلَى الْإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ الْهَمَذَانِيِّ، وَقَرَأَ بِهِ أَبُو الْعَلَاءِ، وَابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْعِزِّ الْقَلَانِسِيِّ، وَقَرَأَ بَاقِي شُيُوخِي بِمَا تَضَّمَنَهُ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ، وَغَيْرِهَا عَلَى شَيْخِهِمْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّائِغِ، وَقَرَأَ كَذَلِكَ عَلَى الْكَمَالِ بْنِ فَارِسٍ، وَقَرَأَ كَذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْيَمَنِ الْكِنْدِيِّ، وَقَرَأَ بِمُضَمَّنِهِ عَلَى سِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَقَرَأَ بِمُضَمَّنِهِ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْعِزِّ الْقَلَانِسِيِّ، وَقَرَأَ بِهِ أَبُو الْعِزِّ عَلَى مُؤَلِّفِهِ، الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، رَحَلَ إِلَيْهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ فِيمَا أَخْبَرَنِي بِهِ بَعْضُ شُيُوخِي، ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِ الْحَافِظِ الْكَبِيرِ أَبِي الْعَلَاءِ الْهَمَذَانِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى.

ويمكنك الاطلاع على المزيد من هذا في كتاب: النشر في القراءات العشر لابن الجزري، فقد ذكر الأسانيد التي تلقّى بها كتب التجويد، والقراءات عن مشايخه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني