الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى حصول تهادي أهل الجنة فيما بينهم

السؤال

هل يجوز لأحد من أهل الجنة تقديم غراس من قصره هدية لآخر درجته أقل منه في الجنة؟
إذ أن الشخص الأول أتى بغراسه من "سبحان الله العظيم", وكان يكثر بها في الدنيا, فهل يجوز له إهداء بعض الغراس لأحد أحبته ممن درجته أقل؟
بشكل عام: هل يجوز التهادي في الجنة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلى المؤمن أن يؤمن بما جاء في الكتاب وما صح من السنة من خبر أهل الجنة وسائر الأمور الغيبية, ويصرف فكره واهتمامه وجهده للفوز بدخول الجنة, فإذا تحقق له ذلك فإنه لا يتمنى شيئا في الجنة إلا حققه الله له, ولوكان هدية لأخيه, قال تعالى: لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا. {الفرقان:16} وقال جل وعلا: وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ .{فصلت:31}.

قال ابن كثير في تفسيره: لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ: من الملاذ من مآكل، ومشارب، وملابس، ومساكن، ومراكب, ومناظر, وغير ذلك مما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب أحد.

وفي فتح القدير: لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ: أي: لهم في الجنات ما تقع عليه مشيئتهم صفواً عفواً يحصل لهم بمجرد ذلك. انتهى

فالإنسان في الجنة لا يحرم من شيء يتمناه، وعليه فلا مانع من تهادي أهل الجنة فيما بينهم، مع أن مقاييس الآخرة تختلف عن مقاييس الدنيا؛ ولذلك هناك أشياء مستحيلة الوقوع عادة في الدنيا، لكنها تقع في الآخرة, مع التنبيه على أن أهل الجنة مع تفاوت مراتبهم فإن كل فريق منهم مقتنع بما وهبه الله تعالى من النعيم المقيم, غني بما آتاه الله تعالى بما في ذلك الهدايا, فقد ورد أن طرف الهدايا تأتيهم من الله لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلونها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة .. كما سبق بيانه في الفتوى رقم:43576.

وفي تفسير أبي السعود: لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءونَ: أي ما يشاؤونه من فنُون الملاذِّ والمُشتَهيات وأنواع النَّعيمِ؛ كما في قولِه تعالى: وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ، ولعل كل فريق منهم يقتنع بما أتيح له من درجات النعيم، ولا تمتد أعناق هممهم إلى ما فوق ذلك من المراتب العالية، فلا يلزم الحرمان ولا تساوي مراتب أهل الجنان. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني