الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ربنا يجزيكم الخير على مساعدتكم لنا.
الحمد لله على كل حال وعلى كل شيء مكتوب، كنت قبل 5 سنوات أخاف الله خوفا شديدا، وكلما أقرأ حديثا أو قرآنا فيه وعيد كنت أخاف، وحاولت أن ألتزم، وإن فعلت ذنبا أندم عليه عدة أيام وأقول في نفسي بأني كلما كبرت لن يفارقني ذلك الذنب مدى حياتي، وكنت مجتهدا في دراستي، ولكن قدر الله وما شاء فعل أن ذهبت أدرس بالخارج بالدول الآسيوية، وأنا الآن عمري 23، والآن أنا في السنة الأخيرة من دراستي، وخلال سنين هذه الغربة كنت مجتهدا في دراستي، وبدأ مشوار الذنوب التي أدت إلى موت قلبي ليست فقط ذنوبا، وإنما هو نفاق وقد كنت أخاف أن أقع في النفاق من قبل ، المشكلة أني نافقت كثيرا لأني معروف عند الناس رجل صالح هذا في ظاهري، ولكني كثير النفاق بالباطن، وعندما أخلو بنفسي أذنب ، وقبل سنة تبت إلى الله توبة نصوحا، وكنت سعيدا جدا بتوبتي وكنت ملتزما، وقدر الله وما شاء فعل أن عدت إلى النفاق، صالح بالظاهر وأذنب بالخفي حتى بدأت أشعر بأن لا قلب لي، لا يندم ولا يشعر لأنه طبع عليه وبسبب النفاق الكثير؛ لذلك الآن لا أشعر إلا بضيق الصدر، والآن حاولت التوبة وحاولت الالتزام ولكن توبتي باللسان لأن قلبي مات، وأخاف أن لا تقبل توبتي فإني أحاول جاهدا هذه الأيام بأن ألتزم ولكن لا أشعر بذلك في قلبي ،،، أرجو منكم الإفادة وربنا يجزيكم الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالخوف من النفاق أمر حسن، وقد كان هذا من علامات الصالحين وسيما المتقين، ولكن لا بد من أن يكون هذا الخوف مصحوبا برجاء رحمة الله وحسن الظن به تعالى، وانظر الفتوى رقم: 170249.

فعليك أن تقبل على ربك بإخلاص وصدق، واعلم أنه تعالى لا يرد من أقبل عليه وأناب إليه، وأكثر من الفكر في الموت وما بعده من الأهوال العظام والأمور الجسام، وتفكر في أسماء الرب تعالى وصفاته، واستحضر اطلاعه عليك وإحاطته بك، وأنه أقرب إليك من نفسك التي بين جنبيك، فإن كل هذا يكسبك رقة في قلبك وخشوعا ووجلا ومزيدا من الخوف من الله تعالى، وأحسن ظنك بربك ولا تقنط من رحمته، وادعه والجأ إليه في صلاح قلبك فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه تعالى يقلبها كيف يشاء، واصحب الصالحين وأكثر من الذكر وتعلم العلم الشرعي، وأكثر من تذكر ذنوبك تذكرا يبعثك على الندم، ثم أحدث لهذا التذكر توبة نصوحا وعزما صادقا على المسير في طريق الاستقامة، واعلم أن العبد مهما جاهد نفسه في مرضات الله تعالى وطاعته فإن الله يعينه ويمن عليه بالتوفيق، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}، وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني