الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البول قائما وما يجب على من أصابه من رذاذه

السؤال

ما حكم الذي يملك مرحاضا إنجليزيا الذي يكون بالوقوف أثناء قضاء الحاجة، وما حكم رذاذ البول إذا انتقل إلى الرِجلين، مع وجود صعوبة ومشقة في إزالته؟ لأنه عندما تغسل الموضع ينزل ذلك الماء المغسول به إلى الثياب فتبقى الثياب مبللة وربما نجسة مع وجود البرد في فصل الشتاء عندنا، أما تغيير الثوب، فهذا لا يمكن لأنه كلما أدخل إلى الخلاء أغيّر اللباس فهناك نوع من المشقّة؟
أفيدونا من فضلكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالبول في المرحاض الإفرنجي الذي أُعِدَّ لقضاء الحاجة حال القيام لا القعود، يجري فيه خلاف الفقهاء في حكم البول قائما, فإن كان لعذر كمن به عاهة، فإنه يجوز له قضاء حاجته في تلك المراحيض قائما بلا كراهة, وإن لم يكن به عذر وبال فيها قائما، فإنه فعل مكروها في قول جمهور أهل العلم.

جاء في الموسوعة الفقهية : يُكْرَهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَبُول الرَّجُل قَائِمًا لِغَيْرِ عُذْرٍ ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَال قَائِمًا فَلاَ تُصَدِّقْهُ, وَقَال جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبُول الرَّجُل قَائِمًا. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهَا فِي الإْنْصَافِ: لاَ يُكْرَهُ وَلَوْ بِلاَ حَاجَةٍ إِنْ أَمِنَ تَلَوُّثًا أَوْ نَاظِرًا. وَالْمَذْهَبُ كَقَوْل الْجُمْهُورِ. قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: وَقَدْ رُوِيَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ - يَعْنِي الْبَوْل مِنْ قِيَامٍ - عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَهْل بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُرْوَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ . فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ اتِّفَاقًا، قَال الشَّافِعِيَّةُ: بَل وَلاَ خِلاَفَ الأْوْلَى، لِمَا وَرَدَ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَال قَائِمًا، فَتَنَحَّيْتُ فَقَال: ادْنُهْ، فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. وَسَبَبُ بَوْلِهِ قَائِمًا مَا قِيل إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي بِهِ لِوَجَعِ الصُّلْبِ، فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ. قَال النَّوَوِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَيُفْهَمُ مِثْل ذَلِكَ مِنْ تَعْلِيل الْحَنَابِلَةِ. وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ، فَرَأَوْا أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَكَانُ رَخْوًا طَاهِرًا كَالرَّمَل جَازَ فِيهِ الْقِيَامُ، وَالْجُلُوسُ أَوْلَى لأِنَّهُ أَسْتَرُ، وَإِنْ كَانَ رَخْوًا نَجِسًا بَال قَائِمًا مَخَافَةَ أَنْ تَتَنَجَّسَ ثِيَابُهُ، وَإِنْ كَانَ صُلْبًا طَاهِرًا تَعَيَّنَ الْجُلُوسُ لِئَلاَّ يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَوْل، وَإِنْ كَانَ صُلْبًا نَجِسًا تَنَحَّى عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلاَ يَبُول فِيهِ قَائِمًا وَلاَ قَاعِدًا. وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا التَّقْسِيمُ لِغَيْرِهِمْ. اهــ

والبول فيها لا يستلزم تنجس الملابس فيما يظهر, فلو فرض أنه يستلزم، فإنه لا ينبغي البول فيها لغير عذر.

وفي كل الأحوال من بال في تلك المراحيض وأصابه شيء من رذاذ البول، وشك في إصابته برذاذ البول فالأصل الطهارة, وإن تيقن أو غلب على ظنه لزمه تطهير ما أصابه من الثياب إن أراد الصلاة فيها، وذلك بغسل محل التنجس، وإن كان ذلك يشق -كما ذكر السائل- فلا يبول فيها ابتداء؛ لأنه إن بال فيها مع تيقن الإصابة بالبول ومشقة الغسل فإنه سيصلي في ثياب متنجسة، وهذا لا تصح معه الصلاة من غير عذر, وليس ثمت عذر إن كان قادرا على البول في غيرها.

وانظر للفائدة الفتوى رقم: 94868عن حكم الرذاذ المتناثر عند الاستنجاء، والفتوى رقم: 153835عن حكم رذاذ ماء المرحاض إذا أصاب البدن والثوب، والفتوى رقم: 138753عن حكم القطرات التي تتناثر من المراحيض الإفرنجية لدى تنظيفها .

والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني