الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقع الطلاق إن مزق الزوج عقد النكاح وقال لا أريد هذا الأمر

السؤال

امرأة ثيب تقدم لها خاطب, وعقد عليها عرفيًا بحضور وليها والشهود, وسمى لها مهرًا, وحصل إيجاب وقبول شرعيين, وخلوا من الموانع الشرعية والمرضية, وتم التوقيع على العقد من المرأة والرجل في نفس الجلسة بحضور الشهود وأهل المرأة جميعًا, ثم مزق الخاطب العقد بعد التوقيع عليه, وقال: لا أريد هذا الأمر, وانصرف ولم يعد, فهل انعقد الزواج بهذه الصورة ودخلت المرأة في عصمته؟ وهل يعد تمزيق العقد وعدم الرجوع إليها طلاقًا في حال انعقاد الزواج؟ وبعد مضي شهر من تلك الواقعة تزوجت المرأة من آخر بعقد عرفي, وشاهدين, ومهر, وإشهار, وإيجاب وقبول بدون حضور وليها, وبعد التوقيع اتصلت على وليها وأخبرته بزواجها, فأقر الزواج, فلمن تكون تلك المرأة للأول أم للثاني؟ وهل أي من الزيجتين باطلة أم أنهما صحيحتان؟ وهي مع الزوج الثاني منذ 14 شهرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنود أن نلفت النظر أولًا إلى أن أمر الأبضاع عظيم، وأن الزواج قد سماه رب العزة والجلال ميثاقًا غليظًا, كما في قوله: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}، قال ابن كثير: روي عن ابن عباس ومجاهد، وسعيد بن جبير: أن المراد بذلك العَقْد. اهـ. أي: العقد الشرعي, فلا يجوز أن يكون أمر الزواج عرضة للتلاعب, أو أن يتساهل المسلم فيقدم عليه دون تعلم أحكامه أو سؤال أهل العلم عما يجهل، فقد قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، قال القرطبي: فرض العامي سؤال أهل العلم...اهـ.

والزواج العرفي المذكور أولًا إن تم على الوجه المذكور بحضور الولي والشاهدين فهو زواج صحيح، وانظر الفتوى رقم: 5962.

وتوثيق الزواج لا تأثير له في صحة الزواج أو عدمه, كما أن تمزيق هذا الرجل للورقة المذكورة لا يعتبر طلاقًا, وقول الزوج: لا أريد هذا الأمر من كنايات الطلاق, فإن قصد به الطلاق وقع, وإلا فلا, فالمرجع إليه لمعرفة نيته.

فإذا لم يطلق الزوج فهي لا تزال في عصمته, فإقدامها على الزواج من آخر أمر منكر، ويكون هذا الزواج الثاني باطلًا يجب فسخه, وراجع الفتوى رقم: 193761.

فالواجب عليها فراق هذا الرجل الثاني, وإن رزقت منه ولدًا نسب إليه إن كان يعتقد حل زواجه منها, وراجع الفتوى رقم: 50680, ولا يجوز لزوجها أن يقربها حتى تستبرئ من هذا الرجل الثاني, وتراجع الفتوى رقم: 77846.

وننبه إلى أن الولي شرط لصحة الزواج على الراجح من أقوال الفقهاء، وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 1766.

وإذا زوجت المرأة نفسها بغير إذن وليها فلا اعتبار لموافقة الولي وإجازته للزواج بعد ذلك, قال ابن الحاجب في جامع الأمهات - وهو في الفقه المالكي -: ولا تزوج المرأة نفسها ولا امرأة غيرها .... ويفسخ النكاح بلا ولي في الجميع ولو أجازه الولي ولو بعد الطول. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني