الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التوبة من النظر إلى النساء والتحرش بهن

السؤال

أشعر في الفترة الأخيرة من عمري أنني غير موفق بشكل كبير في حياتي العملية والاجتماعية والصحية أيضًا, فالمال قليل, ولم أجد عملًا, وعندي مشاكل صحية مزمنة, وهذا ما جعلني أراجع نفسي في أنه من الممكن أن يكون السبب في ذلك ذنوب وكبائر كثيرة ارتكبتها في حياتي, فكيف أتوب منها؟ وأرجو أن يتسع صدر حضراتكم لي, فقد فعلت الكثير من الكبائر, مثل: النظر لعورات النساء, والتجسس عليهن من النوافذ, والتحرش بالنساء, بل بالبنات الصغيرات أيضًا, ومنهن قريبات لي, ومنهن من كنّ في المواصلات العامة, وقد توقفت عن هذا الأمر تمامًا - والحمد لله - وأرجو من الله - عز وجل - أن يثبتني ويغفر لي, فكيف أتوب من تلك الأفعال؟ وهل تكون التوبة بكثرة الاستغفار وفعل الصالحات فقط؟ أم يجب أن أدعو الله لمن ظلمتهن – فقط -؟ وبماذا أدعو؟ أم أن عليّ أن أدعو لمحارمهن الذين ظلمت بناتهم ونساءهم؟ أم يجب عليّ بالإضافة لكل هذا أن أطلب منهن أو من محارمهن العفو بشكل عام دون تحديد السبب -وفي الغالب لن أستطيع فعل هذا - وأنا آسف على الأسئلة التفصيلية هذه, ولكني أريد أن أعرف كيفية التوبة بدقة؛ لأني وجدت الردود في الموقع على مثل سؤالي, وكانت الإجابة تتضمن التوبة والاستغفار فقط, دون التطرق للمرأة أو البنت التي لها حق ومظلمة, وأرجو الدعاء لي بصلاح الحال وتيسير الأمور.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب, والندم على فعله, والعزم على عدم العود إليه، وإذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي فيشترط رد الحق له أو استحلاله منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ, إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ, وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ. صحيح البخاري، وانظر الفتوى رقم: 107269.
لكن استحلال النساء أو أولياء الصغيرات اللاتي تحرشت بهن لا يخلو غالبًا من مفسدة، فتكفيك التوبة فيما بينك وبين الله مع الاستغفار والدعاء، جاء في حواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج: ثُمَّ رَأَيْت الْغَزَالِيَّ قَالَ فِيمَنْ خَانَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ, فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا, بَلْ يَفْزَعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيُرْضِيَهُ عَنْهُ.

وعليه, فلتستر على نفسك, ولا تخبر أحدًا بذنبك، وأكثر من الاستغفار والدعاء وسائر الأعمال الصالحة, وأبشر خيرًا, وأحسن الظن بالله, فإنه عفو كريم - نسأل الله أن يتوب علينا وعليك, ويصلح لك شأنك كله -.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني