الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

إلى فضيلة الشيخ الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي أريد معرفة شعب الإيمان 72 ما هي التي نص عليها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الايمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى فما هي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلفت روايات هذا الحديث في تعداد شعب الإيمان، ففي رواية البخاري بضع وستون شعبة.
ورواية مسلم الشك: بضع وستون أو بضع وسبعون.
ورواية أصحاب السنن: بضع وسبعون شعبة.
وقد رجح الحافظ ابن حجر رواية البخاري بقوله: لكن يرجح بأنه المتيقن، وما عداه مشكوك فيه.
ولعل من أحسن ما جاء في بيان شعب الإيمان ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري فقال: ولم يتفق من عدّ الشعب على نمط واحد، وأقربها إلى الصواب طريقة ابن حبان، لكن لم نقف على بيانها من كلامه، وقد لخصت مما أوردوه ما أذكره وهو:
أن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن:
فأعمال القلب فيه المعتقدات والنيات، وتشتمل على أربع وعشرين خصلة: الإيمان بالله، بذاته وصفاته وتوحيده بأنه ليس كمثله شيء، واعتقاد حدوث ما دونه، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله، والقدر خيره وشره، والإيمان باليوم الآخر، ويدخل فيه مسألة القبر والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط والجنة والنار ومحبة الله والحب والبغض فيه، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم واعتقاد تعظيمه، ويدخل فيه الصلاة عليه واتباع سنته، والإخلاص ، ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق والتوبة والخوف والرجاء والشكر والوفاء والصبر والرضا بالقضاء والتوكل والرحمة والتواضع، ويدخل فيه توقير الكبير ورحمة الصغير وترك الكبر والعجب وترك الحسد وترك الحقد وترك الغضب.
وأعمال اللسان وتشتمل على سبع خصال:
التلفظ بالتوحيد، وتلاوة القرآن، وتعلم العلم، وتعليمه. والدعاء، والذكر ويدخل فيه الاستغفار واجتناب اللغو.
وأعمال البدن، وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة منها ما يختص بالأعيان، وهي خمس عشرة خصلة: التطهير حساً وحكماً، ويدخل فيه اجتناب النجاسات، وستر العورة والصلاة فرضاً ونفلاً والزكاة كذلك. وفك الرقاب والجود ويدخل فيه إطعام الطعام وإكرام الضيف والصيام فرضاً ونفلاً، والحج والعمرة كذلك، والطواف والاعتكاف والتماس ليلة القدر، والفرار بالدين ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك والوفاء بالنذر والتحري في الأيمان وأداء الكفارات.
ومنها ما يتعلق بالاتباع وهي ست خصال:
التعفف بالنكاح والقيام بحقوق العيال وبر الوالدين وفيه اجتناب العقوق وتربية الأولاد وصلة الرحم وطاعة السادة والرفق بالعبيد.
ومنها ما يتعلق بالعامة، وهي سبع عشر خصلة:
القيام بالإمرة مع العدل ومتابعة الجماعة، وطاعة ولي الأمر والإصلاح بين الناس، ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة والمعاونة على البر، ويدخل فيه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، والجهاد ومنه المرابطة وأداء الأمانة، ومنه أداء الخمس، والقرض مع وفائه وإكرام الجار وحسن المعاملة وفيه جمع المال من حله وإنفاق المال في حقه ومنه ترك التبذير والإسراف ورد السلام وتشميت العاطس وكف الأذى عن الناس، واجتناب اللهو وإماطة الأذى عن الطريق، فهذه تسع وستون خصلة ويمكن عدها تسعاً وسبعين خصلة باعتبار إفراد ما ضم بعضه إلى بعض مما ذكر.
فبهذا الكلام الحسن والتصنيف البديع يتبين المراد بشعب الإيمان فيما يظهر، والعلم عند الله تعالى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني