الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال: إن شاء الله عندما تلد ابنتي لأذبحن عجلًا ثمنه عشرة آلاف جنيه

السؤال

قلت: "إن شاء الله عندما تلد ابنتي لأذبحن عجلًا ثمنه عشرة آلاف جنيه" ولكني رأيت أن هناك بابًا من أبواب الصدقة أولى في الإنفاق, فهل ألتزم بما قلت أم أتصدق بالمال فيما هو أولى؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنك لم تبين لنا هل نويت بهذا اللفظ النذر أم مجرد الإنفاق في الخير:

فإذا لم تكن نويت النذر: فلا يلزمك التقيد بما ذكرت؛ لأن اللفظ الذي لم يصرح فيه بالنذر لا يكون حكمه حكم النذر, إلا إذا وجدت نية النذر, ومن ثم فيمكنك صرف ثمن المبلغ فيما تراه أولى من مصارف الخير.

وأما إن كنت نويت فإن هذا يعتبر نذرًا؛ لأن النذر ينعقد بالكناية مع النية على الراجح من أقوال أهل العلم.

قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: الصيغة يشترط فيها لفظ يشعر بالتزام فلا ينعقد بالنية ... وينبغي كما قال شيخنا انعقاده بكناية الناطق مع النية, قال الأذرعي: وهو أولى بالانعقاد بها مع البيع. اهـ.
وقال النووي في المجموع: لو قال ابتداء: مالي صدقة أو في سبيل الله ففيه أوجه (أحدها) وهو الأصح عند الغزالي, وبه قطع القاضي حسين أنه لغو؛ لأنه لم يأت بصيغة التزام (والثاني) يلزمه التصدق به, كما لو قال: عليّ أن أتصدق بمالي (والثالث) يصير ماله بهذا اللفظ صدقة كما لو قال: جعلت هذه الشاة أضحية, وقال المتولي: إن كان المفهوم من هذا اللفظ في عرفهم معنى النذر أو نواه فهو كما لو قال: لله عليّ أن أتصدق بمالي أو أنفقه في سبيل الله, وإلا فلغو. اهـ. هذا بناء على أن المشيئة متعلقة بالولادة.

أما إن كانت متعلقة بالذبح: فإن النذر المعلق بالمشيئة لا ينعقد عند الجمهور, كما قدمنا بسطه في الفتوى رقم: 27989.

وعلى قول من يلزم الوفاء به: فالأصل أنه يجب الوفاء به على الكيفية التي نذره بها صاحبه، فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالنذر، فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ { الحج:29 }.

ومدح عباده الأبرار لوفائهم بالنذر، فقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا { الإنسان: 7}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.

وبناء عليه, فالواجب عليك الوفاء به على الكيفية التي ذكرت، ولا يصح لك العدول عنه أو استبداله بغيره ـ من توزيع ثمنه أو غير ذلك على الفقراء -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني