الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق دون رغبة الزوج

السؤال

أنا شاب عقدت قراني على فتاة مسلمة، فلسطينية الأصل، ودنماركية الجنسية، ولم أدخل بها بعد. ولأن حالتي الاقتصادية صعبة قليلا، اتفقنا بالتراضي مع والد خطيبتي بأن أدفع المهر عندما يرزقني الله.
وبعد عقد قراني، سافرت خطيبتي إلى الدنمارك. وحصل بيننا سوء تفاهم. سوء التفاهم -باختصار- جاء كالتالي:
أنها اعتادت أن تقول لي: "إنت شو دخلك، هذا الشيء ليس لك شأن فيه، أنت لا تفهم، أنت لا تعرف أن تتصرف..إلخ"
وكدفاع عن نفسي، ولحرقة في قلبي نتيجة لهذا الكلام، كنت أغضب، وأصرخ في وجهها.
واعتادت -قصدا- أن تجرح كرامتي، كأن تضيف أحد أصدقائي المقربين لي على (الفيسبوك) وتضع إشارة (إعجاب) على صوره. دون أن تكترث لكرامتي، ولغيرتي.
وفي حدث آخر، أمرتها وقلت لها بأن لا تضع صورتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها كانت تعصي كلامي، وتضع صورها متبرجة كنوع من التجريح قصداً. وأنا بالمقابل أغضب حتى اشتهرت بأنها تقهرني.
وفي ذات مرة، دخلنا في نقاش، فأوردت لها آية من القرآن فقالت لي: "لا تدّخل الدين بيننا"
وتكررت مثل هذه الأحداث، مرارا وتكرارا، حتى نفد صبري، وكردة فعلٍ على ما جرى تواصلت أنا مع فتاة (م) كنت على علاقة معها، وقلت لتلك الفتاة: "بأنكِ نعمةٌ لم أرعها، وإنما ذهبت واخترت ذلك الجحيم".
فقامت هذه الفتاة (م) بإرسال المحادثة التي دارت بيني وبينها إلى خطيبتي، التي جعلت منها حجةً على أنها تريد الطلاق مني.
مع العلم، أن خطيبتي -هداها، وهدانا الله- كانت قد عزمت على طلب الطلاق قبل معرفتها بموضوع محادثتي مع الفتاة (م).
ومع العلم، أني لم أتواصل مع الفتاة (م) بعد تلك المحادثة قط.
اتصل بي والد خطيبتي، بعد أن شكت له ابنته تصرفي، فقال لي: "مثل ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف" وعند ما طلبت منه أن يستمع إلي رفض وبشدة.
بعدها أصبح والدها يتصل بي حتى أطلق ابنته، فقلت له: أنا لا أريد الطلاق، يمكنك اللجوء إلى المحاكم وتقديم قضية خلع، مع استرداد حقي (وهو النقود التي صرفتها عليكم فترة الخطوبة).
أصبح والدها يصرخ ويقول "أنا رح أخليك تطلق بنتي غصبا عنك، وأنا أعرف أناساً كثيرين يمكنهم فعل ذلك"
بعدها، لجأ والدها إلى شيخ إصلاح في الدنمارك. اتصل بي هذا الشيخ، وأخذ يستمع للأسباب والدوافع، فطلبت أنا من الشيخ أن يسأل خطيبتي: ما هي الأسباب التي دفعتها لكي تطلب مني الطلاق؟ وقال لي هذا الشيخ: "انتظر قليلا، وسأعاود الاتصال بك بعد ساعة لأخبرك بالأسباب"
ولم يتصل بي حتى الآن؛ لأنها لا تملك من الأسباب شيئا.
وبعدها بيوم، أرسل لي ذلك الشيخ رسالة مفادها أننا كنا نتصل بك، ولم تكن تجيب على الاتصال (وهذا في حد ذاته كذب وافتراء؛ لأنني أجبت على اتصاله) وقال لي إنه يجب علي الحضور إلى الدنمارك في يوم 5/9/2013.
فأجبته أنا برسالة أخرى قلت له بأنه لا يمكنني المجيء، كما يمكنك الاتصال بي على رقمي هذا وقتما شئت.
أفيدوني بارك الله فيكم في هذا الموضوع، وهل يستطيع الشيخ أن يطلقني من خطيبتي دون موافقتي؟ وماذا أفعل؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيبدو أنك قد أخطأت، وجانبت الصواب في البدايات، فكانت هذه المرارة في النهايات؛ فإن من أهم الأمور في الزواج حسن اختيار من يرغب المسلم في التقدم لخطبتها والزواج منها، وأن يكون الدين والخلق على رأس الصفات المطلوبة؛ وانظر الفتويين: 113879 - 8757 ففيهما بيان كيفية الاختيار، وصفات الزوجة الصالحة.

وتصرفات هذه المرأة مما يدل على رقة في دينها، وسوء في خلقها، ففراق مثلها أولى، والطلاق قبل الدخول أهون وأضعف أثرا من كونه بعد الدخول وإنجاب الأولاد.

ولا يحق للمرأة طلب الطلاق إلا لمسوغ شرعي، فقد جاءت السنة بالنهي عن طلب المرأة الطلاق من زوجها لغير سبب، وقد أوضح الفقهاء الأسباب التي تبيح للمرأة طلب الطلاق، وهي مضمنة بفتوانا رقم: 37112. وإذا طلبت الطلاق لغير سبب، فلا حرج على الزوج في الامتناع عن تطليقها حتى تفتدي منه كما هو مبين بالفتوى رقم: 93039.

والطلاق قد جعله الشرع بيد الزوج، فلا يستطيع أحد أن يطلق عليه دون موافقته إلا القاضي، أو من يقوم مقامه من الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين في بلاد الغرب كالمراكزالإسلامية ونحوها، وذلك عند وجود ما يوجب الطلاق. والذي ننصحك به هو توكيل من يتولى الأمر نيابة عنك إذا لم يكن بإمكانك الحضور بنفسك، ولم يرتض محادثتك عبر الهاتف. وراجع الفتوى رقم: 168239 .

وهذا ولا شك أنك أخطأت أنت أيضا بمراسلتك لتلك المرأة الأجنبية؛ ولذا ننبهك إلى وجوب الحذر من العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة الأجنبية خارج إطار الزواج الصحيح؛ فإن هذا من أسباب الفساد وذرائع الفتنة؛ وانظر الفتوى رقم: 30003 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني