الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عمل وراتب المعلم في مدارس مختلطة مع اجتهاده في غض بصره

السؤال

أعيش في بلد منفتح, والاختلاط يشمل جميع المجالات والأماكن تقريبًا بما في ذلك المدارس, وقد عقدت قِراني مؤخرًا على أستاذ تعليم ثانوي يدرّس فتيات وشبّان في سنّ البلوغ, وكشف لي بعد العقد أنه يتعرّض كثيرًا للفتنة بسبب تبرّج الفتيات ولباسهنّ غير المحتشم, حتّى أنّه يتعرّض للانتصاب أكثر من مرّة يوميًا, وبشكل متكرر, رغم أنه يجتهد في غضّ بصره, وفي تعهّد الفتيات بالنصيحة, خاصّة فيما يخصّ الحجاب والاستقامة، لكن أنّى له السّلامة؟ وهذا الوضع غير سليم دينيًا, بل الرّضى به هو المصيبة العظمى, وتغيير عمله صعب جدًّا أوّلًا؛ لأن البطالة منتشرة عندنا, ومن يجد عملًا يعتبر محظوظًا, وثانيًا: وهذا هو الإشكال الأكبر أن زوجي متعلّق جدًّا ببلده, وجذوره, وعائلته، ولا يفكّر في الهجرة أبدًا, ولو تضحية لدينه, فما الذي يجب عليه فعله؟ وهل دخله حرام؟ وهل سيطعمني من حرام إذا بقيت معه؟ وهل رفضه للهجرة والتدريس في بلد مسلم يراعي الضوابط الشرعية يخوّل لي طلب الطلاق منه خشية على ديني معه, خاصة خشية على سلامة دين ذرّيتي - إن شاء الله - معه؟ فهو قدوة أطفاله, وما يرضاه لنفسه يرضاه لطفله, فأرجو كلامًا شافيًا من نبع خبرتكم وهديكم - بارك الله فيكم -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرًا لحرصك على سلامة دينك, وصلاح زوجك وذريتك، واعلمي أن الأجر الذي يأخذه زوجك من عمله في التدريس حلال ما دام يقوم بعمله على الوجه المطلوب، وكونه يدرس في مدارس مختلطة, ويتعرض للفتن لا يجعل أجره محرمًا، فهذا أمر منفك عن العمل ذاته.

وعليه؛ فلا يحق لك طلب الطلاق لهذا السبب، ولا لكونه يرفض الهجرة إلى بلد آخر يحصل فيه عملًا مباحًا، فإنما تجب الهجرة على من لم يتمكن من إظهار شعائر دينه, أو يخاف الفتنة في دينه، وانظري الفتوى رقم: 48193.
ولا ريب في كون الاختلاط في المدارس وغيرها على هذا النحو شر مستطير وفتنة عظيمة، والأصل ألا يعمل المسلم في مثل هذه المدارس، لكن إذا لم يكن بالإمكان تحصيل عمل مناسب سوى هذا العمل، فصاحبه معذور.

وعليه أن يسدد ويقارب ويحافظ على نفسه, مستعينًا بالله عز وجل؛ حتى يهيئ الله له عملًا آخر خاليًا من هذه المفاسد، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: جميع المدارس بمحافظتي, وهي محافظة إدلب مدارسها مختلطة شباب وفتيات، وهن سفور فوق العادة, وخاصة في مدرستي ...... " فجاء في جوابه: ... فعلى كل حال نقول: أيها الأخ يجب عليك أن تتطلب مدرسةً ليس هذا وضعها، فإن لم تجد مدرسةً إلا بهذا الوضع وأنت محتاجٌ إلى الدراسة، فإنك تقرأ تدرس، وتحرص بقدر ما تستطيع على البعد عن الفاحشة والفتنة، بحيث تغض بصرك وتحفظ لسانك، ولا تتكلم مع النساء ولا تمر إليهن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني