الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يجوز إقراض شخص مدخن مبلغًا من المال, مع علمي التام أنه سوف يشتري من هذا المبلغ دخانًا, ولكنه سوف يحتاج هذا المبلغ في شيء آخر ينفعه في نفس الوقت, ومع علمي بحاجته الشديدة لذلك المال - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتدخين حرام شرعًا، وقد سبقت بذلك عدة فتاوى منها: 3822، 1671.

ومع هذا يجوز إقراض المدخن, وإعطاؤه من الزكاة إن احتاج، ولا يُعتبر كونه مُدخنًا مانعًا من ذلك، راجع الفتوى: 101366.

والأولى أن تشترط عليه ألا يضع مالك في دخان.

وإنما الذي يُمنع منه: دفع الزكاة أو القرض لمن يفسق بها، كمن يأخذ المال للدخان فقط، أو شرب الخمر ؛ فهذا لا يجوز إعطاؤه ؛ قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (بَابٌ) (الْقَرْضُ) ... (هُوَ قُرْبَةٌ) لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى كَشْفِ كُرْبَةٍ, وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ أَقْرَضَ مُسْلِمًا دِرْهَمًا مَرَّتَيْنِ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ صَدَقَتِهِ مَرَّةً, وَاسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ جَمَاعَةٍ, نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ مَكْرُوهٍ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً, كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ.
قال الرملي الكبير في حاشيته: (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) بَلْ يَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ, وَيُكْرَهُ فِي الثَّانِي. ونحوه قال ابن حجر الهيتمي في التحفة, ومثلوا بذلك لمن يشرب بها الخمر, ونحوه.

أما من كان يحتاجها للنفقات المباحة وهو مع ذلك يدخن، فلا يدخل في ذلك، كما أنه يجوز إعطاء النفقة الواجبة للقريب، مع كونه يقوم ببعض المعاصي، كالدخان، لكن يمكن أن تُعزِره بمنع القرض - إن غلب على ظنك - أنه يترك الدخان، أما إن كان لا يتركه، ويترتب على ذلك مفاسد أخرى فلا تفعل.

والأولى في هذه الحالات مع كثرة المحتاجين، تحري أهل الصلاح جاء في الاختيارات لابن تيمية: ولا ينبغي أن يعطي الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله, فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته, كمن يحتاج إليها من المؤمنين, كالفقراء, والغارمين, أو لمن يعاون المؤمنين, فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يعطى شيئًا حتى يتوب, ويلتزم أداء الصلاة. وراجع للفائدة: 196095، 1485، 103360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني