الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للمرأة في الجنة أزواج كما أن للرجل زوجات؟

السؤال

أود أن أسأل هل هناك دليل على أن للمرأة زوجا واحدا فقط في الجنة، وأنه ليس للشهيدة مثل أجر الشهيد؟ أم هذا من اجتهادات الرجال؟ لأنني بحثت ولم أجد أي دليل، بل بالعكس وجدت أن الله قال في آية: فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ـ والتفسير: جميعكم في ثوابي سواء، فلماذا المرأة تعمل للجنة مثل الرجل، ولكن الرجل يكافأ بعدد كبير من الحور وجميعهن قاصرات الطرف عليه، والمرأة يكون جزاؤها أن تكون قاصرة طرفها على زوجها الوحيد؟ ولماذا لم يقصر الله طرف الرجل على زوجته؟ وأنتم دائما ترددون أن عالم الجنة ليس مثل عالم الدنيا، فلماذا كل شيء يتغير في الجنة عن الدنيا إلا المرأة فإنها تبقى لزوج واحد، وأخيرا أريد دليلا من القرآن أو السنة، أو من كلام أحد الصحابة على أن أجر الشهيدة ليس مثل أجر الشهيد، ولا تقولوا هذا قول دعاة الفتنة وتخريب المرأة، فأنا لا أريد إلا التقوى وطاعة الله في الدنيا والثواب في الآخرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الدليل على كون المرأة لها زوج واحد في الجنة، وأنه لا تطمح عينها لغير زوجها ولا تتمنى غيره هو قول الله تعالى: فيهن قاصرات الطرف {الرحمن:56}. وقال تعالى: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ {صّ:52}.

قال ابن عباس وغيره: أي غضيضات الطرف عن غير أزواجهن، فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن.

وقال الطبري: قال ابن زيد، في قول الله: قاصرات الطرف ـ قال: لا ينظرن إلا إلى أزواجهن، قد قَصَرْن أطرافهن على أزواجهن، ليس كما يكون نساء أهل الدنيا.

وقال القرطبي: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ ـ أَيْ نِسَاءٌ قَدْ قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِهِمْ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَغَيْرُهُمْ، عِكْرِمَةُ: قاصِراتُ الطَّرْفِ ـ أَيْ مَحْبُوسَاتٌ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ.

وقال ابن القيم: والمفسرون كلهم على أن المعنى قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم. اهـ.

وقال في حادي الأرواح: قال تعالى في وصفهن: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ـ المقصورات المحبوسات، قال أبو عبيدة: خدرن في الخيام، وكذلك قال مقاتل، وفيه معنى آخر وهو أن يكون المراد أنهن محبوسات على أزواجهن لا يرون غيرهم وهم في الخيام، وهذا معنى قول من قال: قصرن على أزواجهن فلا يردن غيرهم ولا يطمحن إلى من سواهم، وذكره الفراء، قلت: وهذا معنى قاصرات الطرف، ولكن أولئك قاصرات بأنفسهن وهؤلاء مقصورات، وقوله: في الخيام ـ على هذا القول صفة لحور، أي هن في الخيام، وليس معمولا لمقصورات، وكأن أرباب هذا القول فسروا بأن يكن محبوسات في الخيام وليس لا تفارقنها إلى الغرف والبساتين، وأصحاب القول الأول يجيبون عن هذا بأن الله سبحانه وصفهن بصفات النساء المخدرات المصونات وذلك أجمل في الوصف، ولا يلزم من ذلك أنهن لا يفارقن الخيام إلى الغرف والبساتين، كما أن نساء الملوك ودونهم من النساء المخدرات المصونات لا يمنعن أن يخرجن في سفر وغيره إلى منتزه وبستان ونحوه، فوصفهن اللازم لهن القصر في البيت ويعرض لهن مع الخدم الخروج إلى البساتين ونحوها، وأما مجاهد فقال: مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ. اهـ.

وراجعي في الجواب على مسألة التساوي بين الرجال والنساء وفي المزيد عما سبق الفتاوى التالية أرقمها: 16675 47198، 60808، 61352، 75647.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني