الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين

السؤال

استدنت من شاب بالدولار، ثم بعد ذلك كلما أراد مبلغا من المال أرسلته له بالليرة التركية، ووقتها لم أكن أعرف الحكم وأن الأصل السداد بالدولار، أو بسعر الصرف يوم السداد، فاستغفرت الله وتبت إليه وعزمت على تنفيذ الحكم، فقمت بتسجيل جميع ما أعطيته وجميع ما أخذته باختلاف العملتين، على أساس أن أسلم له أمواله، ويسلمني أموالي على حدة، إلا أنه في مدينة أخرى وتوجد مشقة كبيرة في الوصول إليه فهل يجوز أن أقوم بتحويل مبلغ الدولار إلى الليرة وأرسلها له بواسطة الصراف الآلي ويرسل هو في نفس اليوم ما أخذه مني بالصراف الآلي؟
علما بأن الصراف الآلي لا يقبل الدولار، وإلى نفس الحساب يمكن أن تختلط الأموال، ويرجع لي ما أرسلته له، أم يجب إرسال المبلغين إلى حسابين مختلفين؟ وهل يكون ذلك مما قال النبي عليه الصلاة والسلام لابن عمر رضي الله عنه: لا تفترقان وبينكم شيء؟ رغم ابتعاد المدن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسداد الدين بعملة غير عملته لا حرج فيه إن لم يكن عن شرط واتفاق عند تحمل الدين، فيجوز للدائن عند سداد الدين أن يسدده بعملة أخرى إذا رضي الدائن بذلك بسعر يومه، وكذا لو أراد تسديد قسط من الدين واتفقا حين السداد على أن يكون بعملة مغايرة، فلا حرج في ذلك، ولا يدخل هذا في معنى النهي عن التفرق وليس بينكما شيء، لأن المقصود ليس بينكما شيء من أثر المصارفة، وليس المقصود عدم بقاء شيء من الدين السابق في ذمة المدين، كما لو كان الدين ألف دولار وتم الاتفاق على سداد قسط منه كمائة دولار مثلا بالليرة، فلا حرج في ذلك، لكن لا بد من دفع قيمة المائة دولار بالليرة كاملة بسعر يومها ولا يبقى بينهما شيء من تلك المصارفة بأن لا يعطيه قيمة تسعين دولارا مثلا وتبقى قيمة عشر دولارات يؤديها إليه في اليوم الثاني وهكذا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثامنة:

أـ يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد ـ لا قبله ـ على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد، وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملا بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم، ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة.

وانظرالفتوى رقم: 7110.

وعليه؛ فلا حرج عليك فيما فعلته إن كان عن رضى من الدائن، وكان بسعر يوم السداد أو أقل، ولا يلزمك استرجاع المبالغ التي دفعتها بالليرة، وانظر الفتوى رقم: 5610.

وننبهك على أن الحوالة والإيداع في الحساب ونحوها تقوم مقام القبض الحقيقي، لأنها تعتبر قبضا حكميا، كما بينا في الفتوى رقم: 161999.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني