الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منزلة الثقة والتوكل .. والفرق بينهما

السؤال

كيف أكتسب الثقة القوية بالله؟ وهل هي والتوكل واحد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التوكل على الله عز وجل قد جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة بذكره بلفظه ومعناه.

وأما الثقة بالله عز وجل: فلا نعلم ورود لفظها في القرآن العظيم.

وأما في السنة: فقد جاءت في حديث المفضل بن فضالة، عن حبيب بن الشهيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم، فأدخله معه في القصعة، ثم قال: كل بسم الله، ثقة بالله، وتوكلً عليه. أخرجه أبوداود، والترمذي، وضعفه بقوله: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد، عن المفضل بن فضالة, والمفضل بن فضالة هذا شيخ بصري، والمفضل بن فضالة شيخ آخر مصري أوثق من هذا وأشهر, وقد روى شعبة هذا الحديث، عن حبيب بن الشهيد، عن ابن بريدة، أن عمر، أخذ بيد مجذوم، وحديث شعبة أشبه عندي وأصح .اهـ. وضعفه العقيلي، وابن عدي، وقد أخرج الحديث ابن حبان في صحيحه، وصححه الحاكم في المستدرك، والذهبي في تلخيصه.

وهذا الحديث يدل على التفريق بين الثقة والتوكل؛ لأن العطف يقتضي المغايرة من جهة، ومن جهة أخرى فإن الترادف قليل الوقوع في لسان الشرع؛ فالأصل عدمه، قال ابن تيمية: فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر، وإما معدوم، وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه؛ بل يكون فيه تقريب لمعناه. اهـ.

وقد ذهب إلى هذا بعض العلماء، كالهروي في منازل السائرين، فقد ذكر منزلة التوكل، وذكر منزلة أخرى هي منزلة الثقة بالله، قال ابن القيم: وقد تقدم أن كثيرًا من الناس يفسر التوكل بالثقة، ويجعله حقيقتها، ومنهم من يفسره بالتفويض، ومنهم من يفسره بالتسليم، فعلمت أن مقام التوكل يجمع ذلك كله، فكأن الثقة عند الشيخ - يعني الهروي- هي روح، والتوكل كالبدن الحامل لها، ونسبتها إلى التوكل كنسبة الإحسان إلى الإيمان. اهـ.

وقال: والاستعانة تجمع أصلين: الثقة بالله، والاعتماد عليه، فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس، ولا يعتمد عليه في أموره، مع ثقته به لاستغنائه عنه، وقد يعتمد عليه مع عدم ثقته به لحاجته إليه، ولعدم من يقوم مقامه، فيحتاج إلى اعتماده عليه، مع أنه غير واثق به، والتوكل معنى يلتئم من أصلين: من الثقة، والاعتماد، وهو حقيقة "{إياك نعبد وإياك نستعين}. اهـ.

وانظر للفائدة الفتوى رقم: 21491.

وأما عن سبيل تحقيق التوكل والثقة بالله، فقد تكلمنا عنه في الفتوى رقم: 178009.

ونوصيك للاستزادة في ذلك بالرجوع إلى منزلة التوكل، ومنزلة الثقة بالله، من كتاب مدارج السالكين لابن القيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني