الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإجابة عن استشكال حول حديث الرؤية

السؤال

لدي إشكال في فهم حديث الساق، والذي شرحتموه في الفتوى رقم: 118203، وهو كون الله تبارك وتعالى يمتحن المؤمنين يوم القيامة بأن يأتي لهم في صورة غير صورته التي يعرفون، فما معنى ذلك؟ فقد فهمت من فتواكم أن الصورة صفة لله عز وجل يجب إثباتها أيضا مع عدم التكييف والتمثيل، مثل صفة الساق، وهذا هو كلام شيخ الإسلام كما نقلتموه عن الشيخ الغنيمان، لكن لم أفهم هذا الجزء من الحديث، وهو كون الله تبارك وتعالى يأتي في صورة غير التي يعرفها المؤمنون، فهل يدل ذلك على أن هناك أكثر من صورة أم ماذا؟ أرجو منكم ردا تفصيليا أو على الأقل إرشادي إلى كتاب أو رسالة أو بحث يتناول الموضوع.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أفاض الشيخ الغنيمان ـ حفظه الله تعالى ـ في بحث هذه المسألة في شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري: وقد ذكر أنه ثبتت رؤيتهم لله سبحانه وتعالى عدة مرات في عدة صور وأن ذلك للامتحان، كما يدل له قوله صلى الله عليه وسلم: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ـ متفق عليه، وقوله: أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها أول مرة ـ كما في رواية مسلم، وفي السنة لابن أبي عاصم: ثم يتبدى الله لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أول مرة ـ وفي لفظ عنده أيضا: ثم يرفع برنا ومسيئنا، وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة ـ وفي صحيح مسلم في هذا الحديث: ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا ـ ففي هذه الألفاظ بيان صريح بأنهم قد رأوه في صورة عرفوه فيها، قبل أن يأتيهم هذه المرة، وفي حديث الصحيحين: أن الناس قالوا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم، فيقولون نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل، فإذا جاء ربنا عز وجل عرفناه، فيأتيهم في صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيدعوهم فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوة الرسل يومئذ اللهم سلم، سلم.... اهـ.

ثم قال الشيخ حفظه الله: وفيه مع رواية مسلم التصريح بأنهم قد سبق أن رأوه مرة قبل هذه، وفي هذه المرة تنكر لهم في غير صورته التي تبدى لهم بها قبلها, وذلك للامتحان, ولهذا قالوا: نعوذ بالله منك, لا نشرك بالله شيئاً, هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا, فإذا جاء ربنا عرفناه, فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها؟ فيقولون: نعم, الساق, فيكشف عن ساقه, عند ذلك يعرفونه, فيخرون له سجداً, فإذا رفعوا رؤوسهم من السجود، إذا هو قد عاد في صورته التي رأوه فيها أول مرة. اهـ.

وقد أطال الشيخ في بحث المسألة فيمكن لمن أراد المزيد أن يرجع إلى كتابه الذي ذكرنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني