الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تلقين إحدى أمهات المؤمنين لبنت الجون أن تقول: (أعوذ بالله منك) لا يصح

السؤال

هل كان طلاق النبي عليه الصلاة والسلام لأسماء بنت النعمان، بسبب أن عائشة قالت لها: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يحب أن تتعوذي منه؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما جاء في بعض الروايات بخصوص تطليق النبي -صلى الله عليه وسلم- لبنت الجون -أو غيرها- وأنّ سبب ذلك حيلة قامت بها أمّ المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- أو غيرها من أمهات المؤمنين بقولهم للمرأة: إنّ النبي –صلى الله عليه وسلم- يحب أن يقال له: أعوذ بالله منك، فهذه الروايات باطلة لا تصح.

قال ابن حجر –رحمه الله-: «نَكَحَ امْرَأَةً ذَاتَ جَمَالٍ، فَلُقِّنَتْ أَنْ تَقُولَ لَهُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك، فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ قَالَ: لَقَدْ اسْتَعَذْتِ بِمَعَاذٍ، الْحَقِي بِأَهْلِك» . انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ دُونَ مَا فِيهِ أَنَّ نِسَاءَهُ عَلَّمْنَهَا ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَقَدْ رَوَاهَا ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. انْتَهَى. قُلْت: فِيهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالضَّعْفِ. التلخيص الحبير.
وقال الألباني –رحمه الله- : "....وأشد من هذا الحديث ضعفا ما أخرجه ابن سعد أيضا (8/145 - 146) ، والحاكم (4/37) من طريق محمد بن عمر: أخبرنا هشام بن محمد: حدثني ابن الغسيل عن حمزة ابن أبي أسيد الساعدي عن أبيه - وكان بدريا - قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية، فأرسلني، فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة، أو عائشة لحفصة: اخضبيها أنت، وأنا أمشطها. ففعلن، ثم قالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك، فلما دخلت عليه، وأغلق الباب، وأرخى الستر مد يده إليها، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال بكمه على وجهه، فاستتر به، وقال: عذت معاذا. (ثلاث مرات) . قال أبو أسيد: ثم خرج علي فقال: يا أبا أسيد؛ ألحقها بأهلها، ومتعها برازقيتين. يعني كرباستين، فكانت تقول: ادعوني الشقية. قلت: سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: " قلت: سنده واه ". قلت: بل هو بهذا السياق موضوع؛ لأن هشام بن محمد؛ وهو الثعلبي متروك، ومحمد بن عمر، وهو الواقدي؛ كذاب. وقد خولفا في متنه، فقال البخاري (9/311) : حدثنا أبو نعيم: حدثنا عبد الرحمن بن غسيل به مختصرا، وليس فيه ذكر لحفصة وعائشة مطلقا، ولا قول إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة ... إلخ." سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة.

وللفائدة راجع الفتوى رقم: 114854

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني