الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تحديد عمولة مقابل إعادة المال المغتصب لصاحبه

السؤال

طلب مني أحدهم أن أقوم باستعادة ماله عن طريق جماعة من أصحاب القوة والنفوذ؛ حيث إن احد رجال الأعمال كان معه في تجارة، وفر هاربًا من تلك البلاد، ولم يقم بسداد ما تبقى عليه من أموال، وأنا أعيش في البلاد التي سافر إليها رجل الأعمال، ولم تتم تحديد نسبة العمولة التي ينوي أن يعطيني إياها في حال تم استعادة ماله المسلوب - ولكنه وعدني أن يعطيني شيئًا، دون تحديد مقدار أو نسبة - لكن تم تحديد نسبة العمولة للأطراف الأخرى التي ستشارك في العملية، فهل يحق لي الآن وبعد المضي في الموضوع أن أطلب نسبة معينة؟ علمًا أنني لا أنوي ترك السعي في الموضوع، حتى لو استعاد المال ولم يعطني شيئًا؟ ولو قام أحد أقاربي بالتحدث معه في موضوع نسبة عمولتي بالتصريح، أو التلميح، فهل يمكنني أخذ تلك النسبة التي حددها قريبي مع صاحب القضية؟ إذ إنني أخشى أن يكون المال حينها مما يؤخذ بالحياء؛ لأن أقاربي يعرفون الرجل، فربما شعر بالخجل منهم، وفي هذا الخصوص هل هناك فرق إن كان حديث قريبي معه في الموضوع بقصد مني، أو بغير قصد مني؟ وهل يمكن تحديد نسبة العمولة على المبلغ الذي سيتم استرداده، حتى لو لم يتم استرداد المبلغ المسلوب كاملًا، بل جزء منه - جزاكم الله تعالى خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه العِدَة التي وعدك إياها صاحب المال المسلوب، هي من باب الجعالة، ولا بد فيها من العلم بالجعل، وذكر بعض الفقهاء أن الجهالة في الجُعْل لا تضر إذا كانت لا تمنع التسليم.

قال ابن قدامة في المغني: الجعالة في رد الضالة، والآبق، وغيرهما جائزة، وهذا قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، ولا نعلم فيه مخالفًا، والأصل في ذلك قول الله عز وجل: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} [يوسف: 72] ... ولا بد أن يكون العوض معلومًا ... ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض، إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم، نحو أن يقول: من رد عبدي الآبق فله نصفه، ومن رد ضالتي فله ثلثها. اهـ.

ولا يخفى أن الاتفاق على نسبة معينة من المال المسترد، وإن كان الجعل لا يصير بها معلومًا؛ إلا إن هذه النسبة المتفق عليها ترفع النزاع، وتصيِّر الجهالة غير مانعة من التسليم، فلا بد من حصول هذا الاتفاق ليصح العقد، فإن لم يحصل، فسدت الجعالة، ووجب عند النزاع جُعل المثل.

قال ابن الحاجب في جامع الأمهات: إِذا تنَازعا فِي قدر الْجعل، تحَالفا، وَوَجَب جعل الْمثل. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: العوض في العقود الفاسدة هو نظير ما يجب في الصحيح عرفًا وعادة، كما يجب في البيع، والإجارة الفاسدة، ثمن المثل، وأجرة المثل، وفي الجعالة الفاسدة، جُعل المثل. اهـ. وراجع للفائدة الفتويين: 150987، 79024.

والحاصل أنه يجوز أن تكون العمولة نسبة من المبلغ الذي يراد تحصيله، كالربع، أو النصف، أو 10% مثلًا، ولا حرج عليك في المطالبة الآن بنفسك، أو عن طريق غيرك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني