الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفاوت الناس في إحساسهم بأهوال يوم القيامة

السؤال

توقفت عند بعض أحاديث أهوال يوم القيامة، وأنها مدركة جميع الخلائق المؤمن منهم والكافر، وأن اليوم عند الله عز وجل بألف سنة، وهو ما يعني أننا سنقف فقط قبل دخول الجنة أكثر من عمرنا كله، فشق علي ذلك، وبحثت كثيراً عما يطمئن قلبي في حال المؤمنين مع هذه الأهوال فلم أجد إلا حديث أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. ما أطول هذا اليوم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده، إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا. فما درجة صحة هذا الحديث؟ وكيف يطمئن المؤمن على مصيره يوم القيامة؟ وألا يجد الشيطان لقنوطه سبيلاً؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله سبحانه أن يهون علينا وعليك كروب يوم القيامة، وأن يجمعنا في مستقر رحمته ودار كرامته.
وأما بخصوص الحديث المذكور فهو مختلف في صحته ، إلا أنه قد ورد حديث آخر صحيح يدل على تخفيف يوم القيامة على المؤمن كما ذكرنا في الفتويين: 242254، 39581.

وأما كون أهوال يوم القيامة مدركة جميع الخلائق ، فلا يلزم من هذا أن يتساوى الخلق في التأثر بها ، فقد وردت نصوص صريحة في تفاوت الناس في تلك الأهوال وتهوينها على المؤمن ، مثل تفاوتهم في المرور على الصراط، وفي العرق، وغير ذلك.

ففي صحيح مسلم من حديث المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما. وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه.
وفي صحيح مسلم أيضا من حديث أبي هريرة وحذيفة:وترسل الأمانة والرحم ، فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا ، فيمر أولكم كالبرق . قال: قلت: بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق؟ قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ، ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم أعمالهم ، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم. حتى تعجز أعمال العباد ، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا" إلخ
فالله تعالى هو أرحم الراحمين، ورحمته يوم القيامة أجمع ما تكون، وأسعد الناس بها يوم القيامة هم المؤمنون. وانظر الفتوى رقم: 198937.

وراجع بشأن القنوط الفتوى رقم: 71116 وإحالاتها.

وبخصوص معنى قوله تعالى: وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ {الحج:47} راجع الفتويين: 101184، 21230.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني