الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تطهر القدر التي استعملت لشوي لحم الخنزير بعرضها على النار؟

السؤال

نحن في بلاد الغربة، ونذهب إلى الحدائق العامة، ويوجد في هذه الحدائق آنية لشواء اللحم، وتكون مستخدمة من قبل لشوي اللحم الحرام، ومنه الخنزير، وسؤالي هو: ما كيفية تطهير هذا الإناء لنشوي فيه؟ فالبعض من الطلاب المسلمين يقول: إنه يكفي إشعال النار قبل الشوي، والنار تطهر هذه الآنية لشوي اللحم، ويكون شوي اللحم بعد ذلك حلالًا، فهل هذا الجواب صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان تنجس هذه الآنية مشكوكًا فيه، بأن لم يحصل اليقين أنه قد طبخ فيها الخنزير، فلا حرج في استعمالها.

وإن تحققتم أنه قد طبخ فيها الخنزير، فإنها قد تنجست بذلك، ولا تطهر إلا بغسلها.

جاء في الدليل مع شرحه لابن ضويان: [وآنية الكفار، وثيابهم طاهرة] لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي بخبز، وإهالة سنخة. رواه أحمد. وتوضأ من مزادة مشركة. وتوضأ عمر- رضي الله عنه- من جرة نصرانية. ومن يستحل الميتات، والنجاسات منهم، فما استعملوه من آنيتهم، فهو نجس؛ لما روى أبو ثعلبة الخشني قال: قلت يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ قال: "لا تأكلوا فيها، إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها، ثم كلوا فيها" متفق عليه. انتهى.

ثم إن تطهير هذه الآنية إذا تحققتم أنه قد طبخ فيها الخنزير، يكون بغسلها سبعًا إحداهن بالتراب، كنجاسة الكلب عند كثير من العلماء، ورجح الشيخ ابن عثيمين أن تطهيرها يكفي فيه غسلها مرة واحدة إن زالت بها عين النجاسة.

قال الشيخ -رحمه الله-: إذا ولغ الكلب في الإناء، فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب)، كما ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قاس بعض الفقهاء الخنزير على الكلب؛ لكن هذا القياس غير صحيح؛ لأن الخنزير تحدث الله عنه في القرآن الكريم، وهو معروف، ومع ذلك لم يلحقه النبي صلى الله عليه وسلم بالكلب. وكل شيء وجد سببه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يحكم فيه بشيء، فإنه لا يصح أن يحكم فيه بشيء يخالف ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا فالخنزير نجاسته كغيرها من النجاسات، إذا ولغ في الإناء لا نغسله سبع مرات. انتهى.

وأما مجرد وضع الآنية المتنجسة على النار، فليس ذلك مطهرًا لها، وليس جفاف النجاسة بمطهر إلا ما اختلف فيه من الأرض، وما اتصل بها اتصال قرار، كالشجر، والبناء، فهذه هي التي تطهر بالجفاف على قول، وأما ما عدا ذلك إذا تنجس فلا بد من غسله بالماء؛ وانظر الفتوى رقم: 36980.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني