الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيهات لمن تبدل حالهم إلى الضراء من بعد السراء

السؤال

السلام عليكم أخت مسلمة من الجزائر.أراسلكم نيابة عن عائلتي التي تحييكم وتشكركم على مشوراتكم القيمة.لأروي لكم مشكلتنا علنا نجد لديكم نصيحة أو حلا. نحن عائلة متكونة من أب وأم 5 بنات و2 ذكور كنا نعيش حياة سعيدة تملؤها البهجة والسرور. كنا من المتفوقين في دراستنا يضرب بنا المثل. حالتنا المادية جيدة وفجاة تغير كل شيء دراستنا أصبحت ضعيفة. حالتنا المادية الحمد لله مع كل هذا أبي لا يأبه.لا يحاول العمل. و كلما نحاول محاورته لا نستطيع يتشاجر معنا. بالرغم من أنه عليه ديون كثيرة لكنه لا يأبه يشبع رغباته في الأكل. وفي كل ما يريده. كثير الشجار معنا لأبسط الأشياء خاصة مع أخوي. أما عن دراستنا فنحن نعمل المستحيل. لكن لاتوجد نتيجة تذكر نتمنى أن نجد لديكم نصيحة أو حلا تفيدوننا به، جزاكم الله خيراً...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالذي يظهر - والعلم عند الله تعالى - أنكم قد ابتليتم بالفقر بعد ما كنتم في رغدٍ من العيش، فلم تصبروا، فأما أنتِ وأخواتك فقد أهملتم في دراستكم، وبالتالي فقد تبدل حالكم من تفوق سابق إلى تخلف حاضر، وأما أبوكم فقد تراكمت عليه الديون، وكأنه قد أيس من الوفاء بما عليه فأصابته حالة من عدم المبالاة فأصبح يهتم بإشباع رغباته دون النظر إلى العواقب، ومن لوازم الحالة التي يعانيها أنه لا يطيق الحوار والمناقشة، لا سيما إن كانت تتعلق بلب القضية، وكل ما حدث لكم بعد ما تعرضتم لتلك الهزة المالية ليس ببدع؛ لأن الواقع يشهد بأن كثيرًا من الناس ممن كانوا يعيشون على مستوى مالي ما إذا عجزوا لظرف طارئ عن الوصول إلى ما كانوا عليه فإنهم لا يطيقون التأقلم مع الوضع الجديد، وبالتالي تتأثر حياتهم سلبًا فيحدث مثل ما حدث لكم، بل ربما أكثر، وطريق العلاج لمشكلتكم أن تلجأوا إلى ربكم، وأن تسألوه تعالى أن يكشف ما بكم من كربة، وأن تكثروا من الاستغفار وهو له أثر مادي وروحي عظيم على العبد، قال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10 - 12].
وعليك أنتِ وإخونك أن تتواصوا فيما بينكم بالجد والاجتهاد في دروسكم حتى تعودوا إلى سابق عهدكم من التفوق في دراستكم، وعليكم جميعًا أن تصبروا على والدكم، وأن تجتهدوا في التقرب منه، والاستزادة من البِرِّ له حتى يتجاوز هذه المحنة التي يمر بها، ولا بأس بأن تستعينوا بأمكم أو بذوي الرأي من أقاربكم حتى ينصحوه ويذكروه بألاَّ يستكين لما أصابه، بل يعلم أن لكل جواد كبوة، وأنه بإذن الله قادر على تجاوز هذه المحنة إذا استعان بالله تعالى وأحسن اللجوء إليه سبحانه، وأخذ بأسباب النجاح، ولا بأس كذلك بل هو الأفضل إن كان في إخوانك الذكور من عنده قدرة على التكسب والعمل أن يهبوا لمساعدة أبيهم.
هذا؛ وقد يكون ما أصابكم بسبب العين، وعليكم والحالة هذه أن تفزعوا إلى القرآن وأن تتحصنوا بالرقى الشرعية من كتاب الله وسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بأس بأن تستعينوا براقٍ ذي خبرة ودين يرقي لكم بالرقى الشرعية الثابتة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني