الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فعل السنن الرواتب في السفر

السؤال

هل يصلي المسافر جميع السنن والرواتب التي كان يصليها في بلد إقامته . أرجو الإفادة لأني سأسافر قريباً إن شاء الله؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه يستحب للمسافر أن يصلي النوافل في سفره، من دون فرق بين الرواتب وغيرها.
قال النووي رحمه الله في المجموع : (قال أصحابنا : يستحب صلاة النوافل في السفر ، سواء الرواتب مع الفرائض وغيرها . هذا مذهبنا ومذهب القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن ومالك وجماهير العلماء . قال الترمذي : وبه قالت طائفة من الصحابة وأحمد وإسحاق وأكثر أهل العلم . قال : وقالت طائفة : لا يصلي الرواتب في السفر ، وهو مذهب ابن عمر ثبت عنه في الصحيحين ، فروى حفص بن عاصم : صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى فرأى ناسا قياما فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قلنا : يسبحون فقال : لو كنت مسبحا أتممت صلاتي. يا ابن أخي إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت أبا بكر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت عمر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت عثمان رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وقد قال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } رواه البخاري ومسلم ، وهذا اللفظ إحدى روايات مسلم وفي رواية لهما : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد على ركعتين في السفر. فهذا حجة ابن عمر ومن وافقه .
وأما حجة أصحابنا والجمهور فأحاديث كثيرة ، منها الأحاديث الصحيحة الشائعة في باب استقبال القبلة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النوافل على راحلته في السفر حيث توجهت به . وعن أبي قتادة حديثه السابق في باب صلاة التطوع أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فناموا عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فساروا حتى ارتفعت الشمس ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم . رواه مسلم ، فهاتان الركعتان سنة الصبح وهما مراد البخاري بقوله في صحيحه : ركع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الفجر في السفر.
وعن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى يوم فتح مكة في بيتها ثماني ركعات ، وذلك ضحى" رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية صحيحة : سبحة الضحى ، وسبق بيانها في باب التطوع .
واحتج بها البخاري والبيهقي وغيرهما في المسألة .
وعن البراء بن عازب قال : " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سفرة فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر" رواه أبو داود والترمذي وقال : رأى البخاري هذا الحديث حسنا .
وعن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن ابن عمر قال : "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر في السفر ركعتين وبعدها ركعتين " رواه الترمذي وقال : حديث حسن . ثم رواه من رواية محمد بن أبي ليلى عن عطية ونافع وقال : هو أيضا حسن . قال : وقال البخاري : ما روى ابن أبي ليلى حديثا أعجب إلي من هذا الحديث. هذا كلام الترمذي ، وعطية والحجاج وابن أبي ليلى كلهم ضعيف ، وقد حكم بأنه حسن ، فلعله اعتضد عنده بشيء . وأما رواية ابن عمر الأولى في نفي الزيادة فالإثبات مقدم عليها ، ولعله كان في بعض الأوقات والله أعلم) انتهى كلام النووي.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني