الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الدين والديانة لغة واصطلاحا، وماهية الدين الحق

السؤال

ما هو الفرق بين الدين والديانة؟ وهل أنبياء الله هم من قاموا بتسمية الديانات الكتابية السابقة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالدين والديانة في اللغة مصدران من فعل دان، تقول: دان يدين دينا وديانة.

ومعناهما اللغوي متقارب، جاء في مختار الصحاح: والدِّينُ بالكسر العادة والشأن، ودَانَهُ يدينه دِيناً بالكسر أذله واستعبده فَدَانَ، وفي الحديث { الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت } والدِّينُ أيضا الجزاء والمكافأة، يقال دَانَ يدينه دِيناً أي جازاه يقال: كما تُدِينُ تُدَانُ أي كما تُجازي تُجازى بفعلك وبحسب ما عملت، وقوله تعالى { إنا لمدينون } أي لمجزيون محاسبون، ومنه الدَّيَّانُ في صفة الله تعالى، والمَدِينُ العبد والمَدِينةُ الأمة كأنهما أذلهما العمل، ودَانَهُ ملكه، وقيل منه سمي المصر مَدِينةً، والدِّينُ أيضا الطاعة تقول: دَانَ له يدين دِيناً أي أطاعه، ومنه الدِّينُ والجمع الأَدْيَانُ، ويقال دَانَ بكذا دِيَانَةً فهو دَيِّنٌ وتَدَيَّنَ به فهو مُتَدَيِّنٌ ودَيَّنَهُ تَدْيِيناً وكله إلى دينه. اهـ وفي معجم لغة الفقهاء: الديانة: مصدر دان، ما يتعبد به لله... الملة والمذهب... ما كان بين الإنسان وربه، ومنه: الحكم ديانة كذا، وقضاء كذا؛ لأن القضاء يكون بحسب الأدلة الظاهرة، والديانة بحسب الحقيقة التي يفضي بها صاحبها، ولكن لا دليل عليها وهي التي يحاسب عليها عند الله.. اهـ.

أما في الشرع فقد استخدمت كلمة الدين في مواضع كثيرة من القرآن والسنة، بينما لم تستخدم كلمة ديانة ولا مرة واحدة.

قال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ {الشورى:13}، وقال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {آل عمران:19}،

وقل جل من قائل: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}،

وقال عليه الصلاة والسلام : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) متفق عليه.

وهذا يدل على أن مصطلح الديانة مصطلح مستحدث بعد زمن الوحي، أطلقه البعض على الرسالات السابقة لرسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والأولى منه تعبير الشرائع الإلهية، أو السماوية؛ كما أشرنا في الفتوى رقم: 25416.

ثم إن الدين عند إطلاقه ينصرف إلى الإسلام، لأنه هو دين البشرية كلها منذ آدم عليه السلام إلى بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو دين واحد من عند الله تعالى تختلف بعض تشريعاته بحسب الأزمنة أو الأمكنة، ولذلك كانت شريعة موسى وشريعة عيسى عليهما السلام وغيرهما من الأنبياء متوافقة مع أصول الإسلام في الدعوة إلى التوحيد، وإلى حفظ الكليات الخمس وغيرها من أساسيات الدين، مع اختلاف في بعض المسائل الفرعية التي أحلت أو حرمت عليهم ، ثم نسخت كل تلك الشرائع بشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

علما بأن الموجود الآن من شريعة موسى وعيسى عليهما السلام محرف.

أما عن تسمية اليهودية والنصرانية بهذين الاسمين فانظر الفتاوى التالية: 25416، 18689، 107100.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني