الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طوائف النصارى: الكاثوليك والارثوذكس والبروتستانت... وطوائف اليهود

السؤال

تقولون إن الله في هذه الآية: إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية ـ قد حكم بالكفر على أهل الكتاب كلهم، وتقصدون أن الله حكم بالكفر على جميع طوائف النصارى ـ الكاثوليك والارثوذكس والبروتستانت... وجميع طوائف اليهود وسؤالي هو: من قال لكم ذلك؟ حيث إن الآية تقول إن الذين كفروا من أهل الكتاب ـ يعني الذين كفروا منهم فقط، فربما هناك بعض قد آمنوا وما تفسيركم لقول الله تعالى: هو الذي أخرج الذين كفرو من أهل الكتاب ـ حيث إن الآية واضحة تقول: الذين كفروا من أهل الكتاب يعني فقط الذين كفروا منهم وليس كلهم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نزاع بين أئمة المسلمين في كفر من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته، يهوديا كان أو نصرانيا، أو غير ذلك، وانظر الفتويين رقم: 2924، ورقم: 180943.

وإنما اشتبه عليك الأمر لظنك أن: من ـ في الآية للتبعيض، وهذا خطأ، ف: من ـ هنا لبيان الجنس، أي: جنس هؤلاء الكفار، جاء في تفسير الجلالين: مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ { 105} مَا يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَلَا الْمُشْرِكِينَ ـ مِنْ الْعَرَب عُطِفَ عَلَى أَهْل الْكِتَاب، وَمِنْ لِلْبَيَانِ.

وجاء في تفسير ابن عطية: التقدير: ولا من المشركين، وعم الذين كفروا ثم بيّن أجناسهم من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان، ليبين في الألف واللام في الَّذِينَ أنها ليست للعهد يراد بها معين.

وجاء في التحرير والتنوير لابن عاشور: في آية سورة البينة: إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية {6}.. ومن بيانية مثل التي في قوله: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين {البينة: 1} وقال أيضاً: في آية الحشر: هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار {2}.. وعليه، فحرف: من ـ في قوله: من أهل الكتاب بيانية، لأن المراد بأهل الكتاب هنا خصوص اليهود أي الذين كفروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهم أهل الكتاب وأراد بهم اليهود، فوصفوا ب من أهل الكتاب، لئلا يظن أن المراد بالذين كفروا المشركون بمكة أو بقية المشركين بالمدينة فيظن أن الكلام وعيد.

وراجع الفتوى رقم: 112278.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني