الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على الداعية التمسك بالأخلاق الحميدة ولو جهل عليه المدعو

السؤال

تكلمت مع نصراني زميل لي في الكلية عبر المحادثة الفورية (الشات) في أمور الدين، وظننت أني سأستطيع مناقشته، فسألته سؤالًا، ولكنه عندما بدأ في سرد عقيدته للرد علي هذا السؤال، خفت أن أقرأ منها شيئًا حتى لا أتأثر بذلك، ولذلك عندما رددت عليه ظهر ردي ضعيفًا، فأرسلت كلامه لأخ دارس، فكتب لي ردًا، ثم أرسلته إليه، فبدأ بسبي وشتمي، ثم كتب لي شبهات حتى أرد عليها، ولكني خفت أن أقرأها أيضًا، ولكني وعدته أن أرسل له ردها، على أمل أني سأرسلها لذلك الأخ حتى يكتب لي ردًا على شبهاته، ولكن أثناء الحوار زاد سبه وشتمه، ولكني صبرت عليه، ولكن عندما زاد في ذلك ألغيت صداقته من الفيسبوك، وحجبته، ولكني الآن أخشى إن لم أرسل له الرد على الشبهات التي أرسلها لي أن يظن أني لم أستطع الرد، ويزداد في ضلاله، وأريد أن أرسل هذه الشبهات لأحد طلبة العلم، ويكتب لي ردها، ثم أرسلها له، فهل أفعل ذلك أم أنصرف عن الأمر؟ وهل صبري عليه، وعلى سبه صحيح، أم يجوز لي الانتصار لنفسي، وسبه أيضًا؟ مع العلم أني في مقام دعوة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمناقشة أصحاب الملل والمخالفين للحق لا يتصدى لها إلا المؤهلون من أهل العلم وطلابه، وإلا فضعف المسلم القائم بالحق يُصيّر الأمر فتنة له وللكافر في آن واحد، فالمسلم يشتبه عليه الحال، وقد يستريب في شيء، والكافر يزداد تمسكا بباطله ويظنه حقا.
وأما بخصوص ما ذكره السائل: فالذي نراه أن يحيل زميله هذا على أحد الكتب، أو المواقع، أو الغرف الحوارية المتخصصة في الرد على النصارى، وهي ـ بحمد الله ـ كثيرة؛ لأن الشبهات كثيرة، وطويلة الذيل، لا تكاد تنتهي إلا بوضع ضوابط علمية، وأُطُر عامة للحوار. ومن المناسب أن تكون الإحالة الأولى على المواضع التي تتناول جواب الشبهات التي طرحها. ومن أهم الكتب في هذا المجال: كتاب: (إظهار الحق) للشيخ/ رحمت الله بن خليل الرحمن الهندي. فإن كان حجمه بالنسبة للسائل كبيرًا فليقرأ مختصره لمحمد ملكاوي، أو كتاب: (مناظرة بين الإسلام والنصرانية).
وأما مسألة السب ومجاراة الساب: فبالفعل لا تليق بحال القائم في مقام الدعوة، وينبغي هنا التصريح لزميلك بأن السب يقدر عليه كل أحد، ولكن ديننا يحثنا على عفة اللسان، وطيب الكلام، والمجادلة بالتي هي أحسن، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة، فلم يكن -صلى الله عليه وسلم- فاحشا، ولا متفحشا، حتى مع أعداء الله تعالى كاليهود، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها-: أن يهود أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم، ولعنكم الله، وغضب الله عليكم، قال: مهلًا يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في. رواه البخاري. فهذا هو خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي اشتهر به عند موافقيه ومخالفيه، وهذه هي صفته حتى في الكتب السابقة؛ فعن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قلت: أخبرني عن صفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في التوراة؟ قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً، ومبشرًا، ونذيرًا، وحرزًا للأميين، أنت عبدي، ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر. رواه البخاري.
فإذا بيَّن السائل لزميله أن الذي يمنعه من السب إنما هو هذا، ظهر أنه لم يسكت ضعفًا وهوانًا، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 131280.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني