الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحايل الولد للأخذ من مال أبيه.. حالات الحرمة والجواز

السؤال

كنت في أيام الثانوية أتزود من فلوس الدراسة على أبي وآخذها أشتري ملابس، فأنا تبت من زمان، ولم أتذكر المبلغ، وفي نفس الوقت كان والدي يعطيني فلوسا أشتري ملابس، لكنها كانت لا تكفيني، فلذلك كنت أتزود وأشتري، وكذلك أيضا المصاريف لم تكن تكفيني، فكان والدي من النوع الحريص؛ لذلك كنت أضطر لزيادة المبلغ.
فكيف أتخلص من ذلك الذنب؟ فأنا لا أستطيع القول له حتى لا تصبح مشكلة كبيرة، وأيضا لدي ملابس من أيام الثانوية فإن لم أتذكر هل هذه الملابس من المال الحلال أم الحرام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل عدم جواز أخذ الأبناء من مال الآباء إلا بإذنهم، لكن يستثنى من ذلك ما إذا كان الوالد شحيحا لا ينفق على ولده النفقة الواجبة شرعا، فحينئذ يجوز للولد أن يتحايل للأخذ من مال والده ما يكفيه بالمعروف؛ لما في الصحيحين عن عائشة أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله؛ إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 56667، 62627، 64199، 131060
وننبه إلى أن النفقة الواجبة شرعا إنما هي النفقة لما لا بد منه، وأما الكماليات فلا تدخل في النفقة الواجبة، ومن ثم فلا يجوز التحايل لأخذها دون إذن الأب، وانظري الفتويين التالية أرقامهما: 177183، 222022 وما أحيل عليه فيها.
وفي حالة كون هذه الأموال قد أخذت بغير حق، فالواجب عليك الاجتهاد في تقديرها، فتردين إلى أبيك ما يغلب على ظنك أنه قد أبرأ ذمتك، علما بأنه لا يلزمك إعلامه بحقيقة ما جرى، وإنما يكفيك رد المال إليه بأي وسيلة مناسبة، وتحت أي مسمى، ولو بطريقة غير مباشرة. وانظري الفتويين التالية أرقامهما: 13348، 269974، وإحالاتهما.

وفي تلك الحالة أيضا لا يلزمك التخلص من الملابس ؛ فإن الحرام يتعلق بذمتك لا بالملابس ذاتها. وانظري الفتوى رقم: 156981.

وننبه إلى أن الأصل حرمة الكذب، وفي استعمال المعاريض مندوحة عنه، ولا يجوز الكذب إلا إذا تعين سبيلا للوصول إلى الحق، قال ابن القيم في "زاد المعاد": يجوز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه. وانظري الفتوى رقم: 101912.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني