الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم مشروعية قطع الولد أباه ولو كانت أمه تأمره بهجره

السؤال

لدي سؤال عن صديقتي عمرها 21 سنة وأهلها مفترقون، و هي تعيش مع أمها وأخويها الاثنين، ومشاكل أهلها المفترقين كثيرة وصلت للمحاكم، وأبوها وأمها يكرهان بعضهما بشدة، وأخواها يكرهان أباهما، وحتى هي نفسه لا تحبه، فقد كان إنسانا سيئا معظم الوقت، المهم هي لا تعرف كيف تستطيع بر هذا الأب فهي تكلمه بالسر بالتلفون؛ لأنه لو عرفت أمها بذلك فستغضب كثيرا، فهي لا نقاش معها في هذا الشأن، وأول ما تحكي لها صديقتي عن واجب برها له تبدأ بالصراخ والقول إن هذا الوالد ظالم و سيئ، وإنها هي من تربيها وتسهر من أجلها، المهم لقد تشاجرت صديقتي معها أكثر من مرة ثم تركت الأمر فهي لا تريدها أن تغضب عليها، فهي تحبها كثيرا كما أن أخويها أيضا لا يريدانها أن تكلمه، فلا زالت هناك مشاكل كثيرة، وقد حصلت الكثير من الفضائح التي أحدثها والدها الذي لا يبالي إلا بنفسه، فهو الآن متزوج لكن في الأوقات الأخيرة أصبح يطلب رؤية صديقتي مع أن أمهما تسمح لها عندما يأتي إليها بأن تراه من عند الباب بالطبع تكون غاضبة، وأحيانا لا تسمح وتطرده إذا اشتدت المشاكل، لكن هو الآن أصبح يقول لها أن تأتي للغداء عنده في بيته، وهذا أمر لا تقبل به أمها أبدا، وصديقتي تكره هذا فهي لا تحبه، فكيف تذهب إلي بيته وإلي زوجته، ولكنها تعلم أن عليها بر الوالدين، فتقول لي لا بأس عندي أن أذهب لكني خائفة من أمي وأخوي فهم لا يبالون بمشاعري، ولا يريدون أن يفهموا أن ما تفعله من أجل الله وليس من أجله هو، فهي الآن حزينة جدا وحالتها النفسية تعبانة، فهي تخاف غضب الله عليها، فعندما علم أبوها بأنها لا تريد أن تزوره؛ لأن أمها ستغضب أصبح يلح عليها، وعندما تقول له إنها لا تقدر وإن أمها وأخويها لا يريدونها أن تذهب، قال لها سآتي لآخذك وأرجعك، ولكنها خائفة من غضب أمها فرفضت، فغضب كثيرا و صرخ عليها وكل مرة يسمعها كلاما سيئا، ويغلق التلفون في وجهها، المشكلة أنه غير محتاج لها فهو مرتاح مع زوجته، وإذا فقط يزعم أنه يحبها ويريد فقط رؤيتها يستطيع القدوم لرؤيتها، لكنه يفعل هذا فقط لأنه يعلم أن أمها ستغضب فهو لا يحبها و لا يسأل عنها أبدا، فهي من تكلمه كل أسبوع حتي بعد أن يسمعها كلاما سيئا و يصرخ عليها تعيد تكليمه، فأنا أسأل هل على صديقتي إثم بعدم زيارته لما سيسببه هذا من فساد علاقتها مع أمها وأخويها الذين تعيش معهم، فهي تقول لي أنا إن ذهبت سأغضب أمي وإن لم أذهب سأغضب ربي، وأنا الآن مغضبة لربي، وهذا الشيء يحزنها كثيرا، فقد كانت دائما حريصة علي إرضاء ربها، ولكنها هذه المرة تقول لي لا أقدر أنا خائفة، فهل يعتبر هذا ضعفا؟ ماذا أنصحها به؟ هل ما تفعله صحيح؟ فأنا لا أريد أن أزيد عليها، فقد كانت السنة الماضية تعاني من الوسواس، ولقد تحسنت الآن، لكن لا أريدها أن تعود لحزنها، فأرجو أن تعطوني رأيكم، هل من الواجب زيارته أم تكتفي بمكالمته؟ علما أنه يؤذيها حتى بالتلفون، فهي أول ما تقول له إنها لا تريد أن تأتيه بسبب أمها يبدأ بالصراخ عليها، فقد تعبت منه ومن أمها اللذين لا يباليان إلا بمصالحهما، ولا يرون ما تعانيه ابنتهما، تقول لي أحيانا لو يموتان ويريحاني فقد مليت منهما، آسفة علي الإطالة، وأرجو أن تساعدوني في الرد حتى أساعدها، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على هذه البنت برّ والديها ولا يجوز لها قطع أحدهما مهما كان حاله، وإذا تعارض أمر الأمّ مع أمر الأب من كل وجه بحيث لا يمكن الجمع بينهما، فإنّها تقدم أمر الأمّ، لأنّها مقدمة في البرّ عند جمهور العلماء، والذي نراه في الحال المسئول عنها، أن تزور البنت أباها دون علم أمّها وتصله بسائر أنواع الصلة بما لا يضرّ بأمّها، وراجعي الفتوى رقم: 113830، والفتوى رقم: 167869.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني