الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من عاهد ربه على ترك المعصية ثم عاد فهل يكون ممن أعقبهم الله نفاقا في قلوبهم

السؤال

كنت قد عاهدت الله على ترك معصية، وقد عدت إليها أكثر من مرة، فهل من الممكن أن أكون ممن أعقبهم الله نفاقا إلى يوم يلقونه؟ وهل يحال بيني وبين التوبة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن عبداً أذنب ذنباً فقال: رب أذنبت ذنباً فاغفر لي، قال الله تعالى: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين وفي رواية لمسلم: قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء.

فلم لا تكون من هؤلاء الذين كلما أذنبوا استغفروا وأنابوا فيغفر لهم، ولو غلبتهم نفوسهم وشهواتهم وعادوا للمعصية جددوا التوبة والإنابة فيغفر لهم.

فيحسن بك أن تغلب جانب الرجاء بدلا أن تظن نفسك من الذين يحال بينهم وبين التوبة وممن أعقبهم الله نفاقا في قلوبهم ـ عياذا بالله ـ فلست منهم إن شاء الله ما دمت مصرا على التوبة والإنابة والرجوع إلى الله، ومن يحول بينك وبين التوبة! روى أبو داود والترمذي عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ رفعه: ما أصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإنْ عادَ في اليَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً.
فمن أذنب ثم تاب توبة صادقة، وندم على ما فعل وأقلع عن الذنب، وعقد العزم على أن لا يعود فإن الله سيغفر له، ولو عاد إلى الذنب مرة ثانية ثم تاب توبة كالأولى غفر الله له ورحمه، عن أَنَسِ بنِ مالِكٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قالَ الله تَبَارَكَ وتعَالى: يا ابنَ آدَمَ إِنّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى ما كانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يا ابنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَت ذُنُوبُكَ عَنَانَ السّمَاءِ ثُمّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يا ابنَ آدَمَ إنّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطَايَا ثُمّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً. رواه الترمذي وقال: حسن.
فلا تغلب على التوبة والإنابة، ولا يكن الشيطان أقوى منك عزما وأكثر حرصا، وقد بينا كفارة من وعد الله بترك معصية ثم فعلها في الفتوى رقم: 221425.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني