الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب معاشرة البنت أشنع الموبقات والكبائر

السؤال

هل يجوز للفتيات التحدث مع الخاطب حتى تتعرف على طباعه وتتناقش معه في الأشياء التي تخصهم وتعرف نفسيته عن طريق الهاتف وخاصة أن أباها لا يريدها أن تتزوج لأنه يخاف إذا تزوجت أن لا يجد من يخدمه وكما أنه يغار ويتمنى أن لا تتزوج ويقول أربي لغيري أنا أولى بكل هذا ويطلب مني أن أعاشره مثل زوجاته أرجو الرد بأسرع وقت والنصح للوالد والدعاء لكل فتاة تعاني مثل مشكلتي وماذا علي إذا طلب مني مقابل الزواج أن أعاشره وإلا فلن يزوجني مدى الحياة؟‍‍‍‍‍

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأما بالنسبة للتحدث مع الخاطب فهو مباح إذا كان بدون خلوة ودعت إليه الحاجة مع التقيد بالآداب الشرعية، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
24750.
واعلمي أنك ما دمت بحاجة إلى الزواج، وتقدم إليك من هو كفء لك ثم أبى أبوك أن يزوجك فلك أن ترفعي أمرك إلى القضاء لتحكم لك المحكمة بالزواج إن شاء الله تعالى، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 14222 .
ومن عجب أن يمنعك أبوك من الزواج مدعياً أنه يغار عليك أو أنه لا يريد أن يربي لغيره!! فخالف بذلك المعقول والمنقول، وحسبنا أن نقول في هذا المقام ما قال الأول:
يغمى على المرء في أيام محنته === حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
وأما الطامة الكبرى فهو ما ذكرته من أنه يطلب معاشرتك كما يعاشر زوجاته! فأين بصره؟ وأين بصيرته؟ وأين دينه؟ وأين عقله؟ وأين قلبه؟ وأين فطرته ؟ وأين نخوته؟ وأين مروءته؟
لمثل هذا يذوب القلب من كمد === إن كان في القلب إسلام وإيمان
ولمعرفة ما يتعلق بزنا المحارم راجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 2376 -
16574 -
17240.
وأما نصيحتنا لوالدك فنقول له: اتق الله، واعلم أن لحظة واحدة في النار تنسي أعظم نعيم يشعر به المرء في الدنيا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ فيقول: لا، والله يارب ....... الحديث. رواه مسلم وأحمد من حديث أنس بن مالك
فكيف بمن ألقي فيها، قال الله تعالى: كَلَّا إِنَّهَا لَظَى* نَزَّاعَةً لِلشَّوَى* تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى* وَجَمَعَ فَأَوْعَى [المعارج].
فعليك أن تفيق من غفلتك الآن قبل أن يفجأك الموت
يا من بدنياه اشتغل === وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة === والقبر صندوق العمل
وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ* إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34].
والله نسأل أن يطهر قلبك ويحصن فرجك ويلهمك رشدك.
وإليك أيتها الأخت السائلة، وإلى كل من تعاني مثل مشكلتك نقول: لا ملجأ ولا مفر إلا إلى الله تعالى وحده، قال الله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ [الذاريات:50].
ووالله إن من أحسن اللجوء إليه وصدق في توكله عليه، فلن يضام أبداً، ولن تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، ما دام هو يمشي ويدب على الأرض، وأخلصي الدعاء لله تبارك وتعالى، وألحي عليه سبحانه في الدعاء، واعلمي أن الفرج قريب فلا تيأسي، ورحم الله من قال:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه === وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ ولكن === لها أجل وللأجل انقضاء
وختاماً.. نحذرك تحذيراً شديداً من أن تمكني أباك من نفسك مهما كانت الأسباب، وإن ربط ذلك بموافقته على زواجك.. فلأن تعيشي عزباء عفيفة، وتموتي على ذلك خير لك من مواقعة الحرام مع أبيك وإن أعقب ذلك الزواج بمن تحبينه، ونسأل الله تعالى أن يعصمك من السوء والفحشاء ويغفر ذنبك، ويهدي أباك، ويعجل بزواجك بمن يكافئك من ذوي الخلق والدين، وإذا رأيت من أبيك إصراراً على ما يريد منك فهدديه بأنك سترفعين الأمر إلى السلطات المعنية، فإن لم ينته فارفعي أمرك إليها، ولا ذم عليك، ولا عار في ذلك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني