الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأخذ من شعر الحاجب الخارج عن المعتاد المشوه للمنظر

السؤال

بخصوص حف الحواجب: حقيقة تعبت، مللت، تعبت وأنا أرى الناس يكرهونني، وأرى فيهم نظرات السخرية، والاستهزاء بسبب شكلي. وذات مرة سمعت شخصا يقول لصديقه: (هذه البنت تخيف) كانت جملته كالصاعقة في أذني، حتى إنني أصبحت أتفادى الاختلاط مع الناس بقدر الإمكان.
لكني لا ألومه؛ فأنا نفسي أخاف أن أرى نفسي في المرآة. صدقني أهم شيء عند كل بنت في هذا العالم أن تشعر أنها جميلة، وتحس أن الناس أيضا يرونها جميلة، هذا الشيء يجعل البنت ترتاح نفسيا، ويجعلها تهتم بأمور دينها، وأمور حياتها، ولا يجعلها تبحث عن علاقات محرمة مع شباب، ويزيد ثقتها في نفسها؛ لأنها حصلت على أهم شيء وهو الجمال، لكن البنت المسكينة التي هي مثلي تعيش حياتها تبحث عن أمور تجعلها جميلة، وتهمل أمور دينها وحياتها، ولا تنسى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديثه: تنكح المرأة لأربع: ومن ضمنها ذكر الجمال. وهذا شيء أكيد؛ لأن كل الناس بطبعهم يحبون امتلاك الأمور الجميلة، فلماذا أنا وبعض البنات ملزمات أن نعيش ونظلم، لأن حواجبنا تؤثر في شكلنا!؟ وكل إنسان بطبعه يحب أن يكون شريك حياته جميلا.
ليست المشكلة في أن حواجبي كثيفة ومتلاصقة، لكن المشكلة أن حواجبي قريبة من عيني بشكل كبير، وشكل الحواجب غير جميل نهائيا، وهذا ما يجعل شكلي غير مقبول. وللعلم أنا في الماضي استخدمت الموسى في حف حواجبي المتلاصقة، لم أكن أعرف أن الموسى يسبب نمو الشعر بصورة أكبر وأكثف.
صدقني أنا بهذا الحال المحتمل أن أسلك أحد طريقين: الانحراف، أو الانتحار.
هذه ستكون نهايتي؛ لأنني مللت من كثرة الصبر، صبرت وصبرت، وصبرت مع أني كنت أقول لنفسي في الماضي أني لن أحف حواجبي مهما حدث، ولكنني عندما عرفت الشكل الحقيقي لحواجبي غيرت فكرتي 180 درجة.
أبقاكم الله، اشعروا بي، وإذا كنتم مصرين على أن الحف حرام لماذا لا يكون الانتحار حلالا؛ لكي نرتاح؟
وصدقوني لا يشعر بالحال إلا من عنده المشكلة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان شعر الحاجب خارجا عن المعتاد، خروجاً ملفتا، ومشيناً، فإنه يجوز الأخذ منه بالقدر الذي يزول به التشوه، ولا يتعدى ذلك إلى طلب الحسن وزيادة الجمال، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 20494، 159131، 190483، 124793.
والذي يعنينا هنا ليس هو النظر في هذه المسألة، وإنما ما فهمناه من كلام السائلة، واحتمالها لوضع نفسها بين خيارين، أحلاهما مر، وهما: الانحراف، أو الانتحار !!!

ونحن نعيذك بالله من شر نفسك، ومن شر الشيطان وشركه، فليس في الدنيا ما يساوي تعريض العبد نفسه لمقت الله، وسخطه وعقابه، فما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدنا أصبعه في البحر فلينظر بماذا يرجع؟! وأما الآخرة فهي دار القرار، وهي خير وأبقى، قال تعالى: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ [القصص: 60] وقال: وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ [الرعد: 26] وقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [فاطر: 5].

فما هي إلا مدة وجيزة في هذه الحياة الدنيا، ثم يكون المصير إما إلى جنة، وإما إلى نار، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185] وقال سبحانه: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد: 20].
فاتق الله في نفسك، ووطنيها على طاعة الله تعالى، والاستقامة على شرعه، ولا تلتفتي لما فاتك من الدنيا، واشغلي نفسك بأمر الآخرة، يغنك الله من فضله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

وأما أمر الانتحار فراجعي فيه الفتويين: 10397، 132677.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني