الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخلاص الغاية والعبادة يتبعه تحقق اليسر

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأنا مسلمة من الصين، عندي سؤال واحد،هل في القرآن الكريم توجد آية أم آيات تشير إلى أن علينا أن نقدم لأنفسنا كما تتقدم الدنيا حتى نعيش فيها بسهولة؟ وجزاكم الله خيراً كثيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد حثَّ الإسلام المسلمين على أن يلتمسوا أسباب القوى، وأن يحرصوا على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك:15) ، وقال: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60].
وقال صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. الحديث رواه أحمد ومسلم.
ولا شك أن سعي المسلمين ليتقدموا ماديّاً ليقووا أمام أعدائهم ويمارسوا حياتهم بسهولة أمر مرغب فيه بدلالة هذه الآية وهذا الحديث وغيره، ولكن لابد من التنبه هنا إلى قضية هامة، وهي أن الغاية التي يعيش لها المسلم ليست هي أن يعيش في الدنيا بسهولة كيفما اتفق له ذلك، إنما غايته التي ينشدها قبل كل شيء هي تحقيق عبادة الله ليفوز برضاه وثوابه، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذريات:56]
فإذا أخلص في تحقيق هذه الغاية، فإن اليسر في الحياة يأتي تبعاً، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].
أما أن يجعل المسلم العيش في الحياة بسهولة هو المقصد والغاية العليا في حياته، فذلك خطأ فادح ينطوي على مفاسد وشرور عظيمة، فقد يتنازل المرء لأجل ذلك عن الفرائض وواجبات دينه، ليتحقق له ما يطمح إليه من يسر الحياة وسهولتها، وقد يجبن عن الجهاد، كما وقع للمنافقين الذين تكاسلوا عن الجهاد وقالوا: لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرّ فرد الله عليهم بقوله: قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُون [التوبة: 81].
وقد يوالي الكافرين كما قال المنافقون: نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَة فرد الله عليهم بقوله: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ [المائدة: 52].
وبالجملة فهذا ينطوي على بيع الدين بعرض من الدنيا، قال تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ [البقرة:86].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني