الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

آثار وعلاج شيوع الجهل وقلة التدين عند كثير من المسلمين

السؤال

العبارات التالية: {الشيخ فلان، أيه يا واد التقوى دي، اللهم قوي إيمانك، ايوة يا عم الشيخ فلان، يا عم هتعملنا فيها شيخ، أيه ده، يا دين النبي، يا دين النبي شيخناااااا، ايوه يا شيخ فلااااان، أيه ده، أنت بقيت سلفي ولا أيه، ايوة يا شيخنا، مولانااااااا، بركاتك يا عم الشيخ، لا، لا، لا الشيخ فلان بنفسه كذا أو كذا. الخ}.
هذه جمل تقال أحيانا عندما يروننا نفعل أمرا طبيعيا من الدين بالضرورة، وأحيانا أخرى عند محاولة السير في طريق الالتزام، أو محاولة الاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام في سننه، وأحيانا عند قول جملة في الدين في أي موقف، أو موقف ما، وأحيانا كسخرية عادية، مزاح بين الأصدقاء للتغير المفاجئ لأفعال صديقهم، الذي ستقال له هذه العبارات.
مواقف كثيرة، وكل موقف له جملة من الجمل التي ذكرت في أعلى السؤال.
الأسئلة كالآتي:
أولا: ما الرد الأمثل على هذه العبارات عندما نسمعها من الأصدقاء، أو المقربين عامة ممن نعرفهم؟
ثانيا: ربنا يعلم أني لا أصل لرتبة الشيخ، مع أني لا أعرف تحديدا ما هي صفات من يكلم بهذا اللقب أصلا، ولا من أقل من قد يوصف به، فأعلموني من الأقل ليستحق ذلك اللقب؛ كي أثبت لهم أنه ليس أنا، وأني قطعا، وبكل تأكيد لا أصل لهذه الدرجة إطلاقا من الأساس.
ثالثا وأخيرا: ما رأيكم إن قلت لهم الآتي كنموذج رد: استغفروا الله، أنا لست شيخا، ولا أصل لذلك من بعيد، ولا قريب أصلا، فقط ما أفعله هو الطبيعي الذي يجب علينا جميعا القيام به، ومن يقصر فيه فلا ينظر لمن يحاول أن يفعله على أنه شيخ، لمجرد محاولته إتمام ما هو مفترض على الجميع إتمامه وفعله، بل الفعل الأصح لمن يرى محاولتي الالتزام، أن يقف، ثم يفكر ليراجع نفسه، فعلى الأقل يشعر بالخجل منها؛ لأنه سمح بجعلها في قوافل المتأخرين في الإقبال على الله، وسباق الناس إليه.
المشكلة أن نموذج الرد هذا، لا يتناسب مع كل الناس، فأغلبهم نشأ في أسرة لم تزرع فيهم شيئا قليلا من الدين، فكبروا متربين بعيدا عنه، شبه منعدمي المعرفة به، حتى نجد أغلبهم لا يصلون، ولا يعرفون عن الصلاة سوى أن تركها حرام، أو شاع في سمعهم أنه كافر، وذلك لجهلهم أيضا بالتفصيل في حكم تاركها، والراجح كما كنت أجهل أنا، فالله المستعان، حقا القليل من الدين قد يؤثر في الكبير، كما حدث معي فالحمد والفضل لله، وجزى الله خيرا والداي، ورحمهما، وصفح عن بعض تقصيرهما، وعن آباء أصدقائي، وثبتني، واهد غيري يا رب.
على كل أرجو أن تعطوني -إن أمكن، واتسع المقام- نموذجا صحيحا، حكيما، مختصرا للرد عليهم.
بارك الله فيكم، وذلك إن كان هذا النموذج في رأيكم لا يصلح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يشيع في أوساطهم العلم بالله، والالتزام بشرعه.
والظاهر أن قول تلك العبارات ونحوها، في مثل المواقف المذكورة، إنما هو بسبب شيوع الجهل، وقلة التدين في أوساط كثير من المسلمين، ومن ثم فإنهم يصفون من عنده شيء من العلم، أو الالتزام الزائد على ما عندهم بأنه شيخ؛ لكونه متميزا عنهم.
وأهم ما ينبغي إفهامه لهم ألا يخلطوا بين الالتزام بواجبات الدين والتمسك بها، وبين التخصص في علوم الدين والاستزادة منها. فالأول واجب على كل مسلم، ولا خيار فيه. أما الآخر فهو من فروض الكفايات، ولا يلزم كل مسلم أن يكون شيخا بهذا الاعتبار.
وأما كلمة "شيخ" فتطلق باعتبارات متعددة، وقد سبق الكلام عليها، وبيان ما يراد بها في الفتوى رقم: 125748 وإحالاتها.
وإن كان هؤلاء المذكورون يريدون بتلك الكلمة معنى العالم المتخصص في علوم الدين، فالنموذج المذكور قد يكون مناسبا للرد عليهم، إن كانوا ممن يعلم أن ما تفعله واجب.

أما من كان جاهلا بكثير من الواجبات، والمحرمات، فهذا يحتاج إلى مزيد من الرفق في مخاطبته، وتعريفه أولا ما أوجبه الله، وما حرمه، ووجوب امتثال أمره ونهيه، ثم يقال له نحو ما ذكرت.
وانظر الفتوى رقم: 198373 وإحالاتها.
وراجع خلاف العلماء بشأن حكم تارك الصلاة، في الفتوى رقم: 130853.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني