الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسلية المصاب بفقد الأحباب

السؤال

توفيت أمي، وأنا راضية بقضاء الله وقدره، ولكنني بداخلي لا أصدق أنها ماتت وعلى يقين أنني سوف أراها، فهل علي إثم؟ وهل هي تتبرأ مني؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الموت أمر كتبه الله على بني آدم، حيث قال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ {آل عمران:185}.

فنوصيك بالصبر والاسترجاع، كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة:155ـ 157}.

وثقي بوعد الله للصابرين وما يمنحهم من الأجر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها، إلا كان له بها أجر. متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.

وتسلي بفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الطبراني عن عبد الرحمن بن سابط عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب عنده. وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده، وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرقه.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.

وفي البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ, وله ما أعطى, وكل شيء عنده بأجل مسمى, فلتصبر ولتحتسب.

وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله تعالى في مصيبته, وأخلف له خيرا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها, فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عزتهم الملائكة يسمعون الحس ولا يرون الشخص، فقالت: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته, إن في الله عزاء من كل مصيبة, وخلفا من كل فائت, فبالله فثقوا, وإياه فارجوا, فإنما المحروم من حرم الثواب, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

وما تشعرين به هو أثر الصدمة وألم الفقد وسيزول قريبا ـ إن شاء الله ـ ولا تأثمين بهذا الشعور ما دمت حافظة للسانك وجوارحك عما يغضب الله، ولا وجه لبراءتها منك، ونوصيك بتقوى الله تعالى والدعاء لوالدتك والإحسان إليها بالصدقة ونحوها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني