الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في رد الحقوق للعامل في بنك ربوي، وعقوبة النصب والاحتيال

السؤال

والدي يعمل في نيابة الأموال العامة، وعمله عبارة عن إجراءات يقوم بها للقضايا كالتدقيق فيها أو إدخال البيانات في الحاسوب، وغالبا ما تكون البلاغات عن نصب واحتيال، فإذا كان المنصوب عليه رجل أعمال مثلا أو صاحب شركة يعمل في بنوك ربوية، فهل عليه إثم في إعادة حقهم؟ مع العلم أن المحكمة تحكم على المتهم بالسجن والإبعاد؟ وهل هذا موافق للشرع؟ وما هي عقوبة النصب والاحتيال في الشريعة؟ مع العلم أن المحكمة قد لا تطبق الحدود الشرعية في الجنايات، وهو متخصص في القضايا المالية فقط.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاحتيال والنصب أمر محرم شرعا، لكن ليست له عقوبة محددة في الشريعة، وإنما يرجع في تحديد عقوبته إلى اجتهاد القاضي بما يراه معزرا ومؤدبا للمحتال، جاء في الموسوعة الجنائية الإسلامية لسعود العتيبي: عقوبة النصب والاحتيال عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي، ويلزم الناصب أو المحتال ضمان أو إعادة ما أخذه من أموال نتيجة نصبه أو احتياله. اهـ.

والتعزير بالسجن والإبعاد ونحوهما جائز، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 138466، 95693، 39720.

وبالتالي، فإن الحكم على المحتال بما ذكر ـ مع تضمينه ـ ليس فيه ما يصادم الشرع، لأنه ليس ثمة حد مقرر، وإنما الأمر راجع لاجتهاد القاضي ـ كما تقدم ـ وعلى ذلك، فإنه لا حرج على والدك في العمل في المجال الذي ذكرت، وعليه أن يؤدي عمله على الوجه المطلوب، ويساهم بحسب ـ طبيعة عمله ووظيفته ـ فيما يحقق العدل ويرد الحقوق لأصحابها ولو كان صاحب الحق مرابيا، بل لو كان كافرا، فلا يجوز ظلمه أو غشه، وعلى المحكمة أن ترد إليه حقه، تطبيقا لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {المائدة:8}.

يقول الطبري في تفسيره: قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: اعدلوا ـ أيها المؤمنون، على كل أحد من الناس وليا لكم كان أو عدوا، فاحملوهم على ما أمرتكم أن تحملوهم عليه من أحكامي، ولا تجوروا بأحد منهم عنه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني