الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا يلزم من سب رسول الله بعد التوبة؟

السؤال

قرأت الفتاوى في حكم سب الرسول صلى الله عليه وسلم، ففهمت أن توبته مقبولة، لكن لم أستوعب أيضًا: هل يجب قتله بعد توبته أم لا؟ ولو وجب قتله، فهل يجب أن يسلم نفسه للسلطة حتى تقتله؟ وهل سب اللحية بأن قلت: إنها قذارة، أو قلت: إني مهمل في نفسي، ودعها تطول، وقلت هذا لشخص آخر، فهل هذا كفر أم معصية؟ علمًا أني لم أقصد الاستهزاء بالدين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن توبة السابِّ، مقبولة فيما بينه وبين الله، على الراجح؛ لعموم آيات التوبة، التي منها قوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}، وقال الله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ... { الأنفال : 38}.

وجاء في الموسوعة الفقهية: أَمَّا سَابُّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى قَبُول تَوْبَتِهِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُقْبَل تَوْبَةُ قَاذِفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى الأْصَحِّ .... اهـ.

وجاء فيها أيضا: قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ سَابَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْتَبَرُ مُرْتَدًّا، كَأَيِّ مُرْتَدٍّ؛ لأِنَّهُ بَدَّل دِينَهُ، فَيُسْتَتَابُ، وَتُقْبَل تَوْبَتُهُ. اهـ.

ورجح الشيخ ابن باز قبول توبة ساب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ولكن الأرجح -إن شاء الله- أنه متى أبدى التوبة، وأعلن التوبة، ورجع إلى ربه عز وجل، أن يقبل. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين، عن عدم قبول توبة الساب: هذا القول ضعيف؛ لأن الصواب: أن التوبة مقبولة متى صدرت على الوجه الصحيح. اهــ.

وراجع في ذلك الفتويين: 118361، 117954.

وأما مسألة الذهاب للسلطة لإقامة الحد، فهذا لا يلزم، بل يلزمه التوبة، والنصح فيها، ويستر على نفسه، ويحسن في ما بقي، ويُقبل على ربه -تبارك وتعالى- ويجتهد في إكمال توبته، والإخلاص، والنصح فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، ويتبع سيئاته بالحسنات الماحية؛ فإن من تاب، تاب الله عليه.

ونكتفي بجواب سؤالك الأول، ونرحب بالباقي في رسالة أخرى، التزامًا بنظام الموقع، من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة، يجاب السائل عن الأول منها فحسب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني