الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أراد أن لا يحرج أمته

السؤال

كلما اقترب فصل الصيف حلت معه مشكلة تتمثل في تأخر وقت العشاء حيث تكون هناك بين العشاء والفجر دقائق معدودات ونهاية بانعدام وقت العشاء ويبقى الحال هكذا مدة شهرين وهناك خلاف في الجماعة هناك من يجمع العشاء مع المغرب وهناك من يضع ساعة ونصف ساعة بعد صلاة المغرب فهل يجوز لنا أن نجمع العشاء مع المغرب في أيام العمل من الاثنين حتى الخميس؟ ونقدر بساعة ونصف في أيام العطلة من الجمعة حتى الأحد أعني الأيام التي لا نعمل فيها؟أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالواجب على المسلم أن يحافظ على أداء الصلوات في أوقاتها، قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103].
ومهما امتد الوقت بين الصلاتين أو تقلص، فالواجب هو العمل بهذا الأصل، علماً بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة من غير عذر، لكن عادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على خلاف ذلك، كما أن هذا الجمع عند الجمهور محمول على الجمع الصوري، وهو تأخير الظهر إلى آخر وقتها، ثم أداء العصر في أول وقتها، وكذا قُلْ في المغرب مع العشاء.
وبناء على هذا، فلا يجوز جمع المغرب مع العشاء بصورة مستمرة، إذ لم يكن ذلك هو عادة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دل قول ابن عباس حين ما سئل عن ذلك؟ فقال: أراد أن لا يحرج أمته رواه مسلم.
على أن هذا الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة.
قال النووي في شرح مسلم: وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته انتهى.
علماً بأنه لا يجزئ فعل الصلاة قبل دخول وقتها، إلا إذا وُجد ما يبيح جمع التقديم، لأن وقت المجموعتين واحد، ولمعرفة هذه الأمور بالتفصيل راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26093، 2160، 18918، 12783.
أما إذا انعدم الوقت بالفعل بالنسبة لصلاة العشاء أو غيرها، ففي هذه الحالة يجوز لكم أن تقدروا لها وقتاً بعد صلاة المغرب، ويكون التقدير بالنظر إلى أقرب بلد إلى بلدكم يمتاز فيه وقت المغرب عن وقت العشاء، وذلك لأن الأصل هو أن الصلوات تؤدى في أوقاتها ما دامت علامات الوقت ظاهرة، أما إذا لم تظهر تلك العلامات فلا مناص حينئذ من التقدير، ويتم هذا التقدير بالفاصل في أقرب مكان، ويشهد لهذا ما ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن لبث الدجال في الأرض فقال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة؟ قال: لا اقدروا له قدره.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني