الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة من عاهد الله على عدم فعل شيء ثم أراد أن يفعله

السؤال

جزاكم الله كل خير، ونفع بكم، سؤالي: لقد قرأت عن عواقب نقض العهد مع الله، ولا أريد نقض العهد مهما كانت مشقته عليّ، لقد عاهدت الله بقولي: عهد بيني وبين الله العظيم -في دعاء- أن لا أصبغ حواجبي، ولا أقصها. مع العلم أنها كثيفة وغزيرة ومتصلة، ولكن كل من رآني يقول: اصبغيها. لأنها تعتبر مشينة لي نسبيًّا، ولكني أخاف من الله، ومن نقض العهد معه -سبحانه وتعالي- لهذا الأمر، ومع العلم أني لم أنقض العهد إلى الآن.
سؤالي: هل يعتبر كلامي عهدًا؟ وهل يمكنني أن أكفر عنه إذا حصل لي مشقة منه لأني خائفة من عواقب نقض العهد؟ وما هي الكفارة؟
أريد حلًّا للمشكلة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن صبغ الشعر مباح بغير السواد, ويحرم السواد في حق الرجال والنساء؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه، وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعد، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء، إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرة مباحة، أما التغيير بالسواد الخالص: فلا يجوز للرجال والنساء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد. رواه مسلم. اهـ.

وهذا القول هو المفتى به عندنا، كما سبق في الفتوى رقم: 35687، وهي بعنوان: أدلة تحريم صبغ الشعر بالسواد.

وبخصوص إزالة شيء من الحاجبين لإزالة تشويه ونحوه: فإنه جائز, وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 164081 حد العيب والتشوه الذي يسوّغ تخفيف الحاجبين، وأن ذلك يرجع فيه إلى العرف.

وفي خصوص ما سألت عنه: فقد اختلف أهل العلم فيمن قال: أعاهد الله على كذا. والمرجح عندنا أنها تارة تكون يمينًا ونذرًا، وتارة يمينًا فقط، فإن التزم بها قربة وطاعة فهي نذر ويمين. وراجعي الفتوى رقم: 135742 بعنوان: مقولة أعاهد الله ألا أفعل كذا هل هي يمين أم نذر ويمين.

وبناء على ذلك؛ فإن كان الذي عاهدت الله تعالي على تركه هو مما يباح فعله من صبغ الشعر أو تخفيف الحاجبين, فهذا العهد ليس بطاعة لله تعالى, وبالتالي فهو يمين، يمكنك أن تحنثي نفسك فيه، وتكفري عنه كفارة يمين. ففي الحديث الشريف: عن أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير». متفق عليه.

وإن كان العهد الذي وقع منك هو على ترك ما يحرم فعله من صبغ الشعر أو تخفيف الحاجبين، فهذا لا يجوز لك الحنث فيه؛ لأن تركه واجب في الأصل، وتأكد وجوبه بما صدر منك من العهد، ولا يتصور حصول المشقة فيه. ولو فعلته فإنك تعتبرين آثمة، وعليك فيه كفارة يمين أيضًا بناء على ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه, كما سبق في الفتوى رقم: 15049.

وأنواع كفارة اليمين سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 2053.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني