الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم احتساب الديون التي أنكرها المدين صدقة على الدائن

السؤال

والدي رحمه الله توفي، وترك له أموالا عند أشخاص كدين أو كشراكة في عمل، وكانت الثقة بينهم بلا إثبات ولا ورقة.
وقبل وفاته رحمه الله كان الجميع على علم بالمبلغ بينه وبين الوالد، وبعد وفاته رحمه الله البعض منهم قال بأن المبلغ غير صحيح، فنزل المبلغ الأصلي إلى النصف قريبا أو أقل من النصف، والبعض قال بأنه لا يملك المال الكافي للسداد، فماذا يعتبر المال الذي لم يعترف به الناس من مال والدي؟ هل نسامحهم فيه كصدقه جارية للوالد؟ أم لا نسامحهم فيه ونحتسبه عند الله لأنه مال حق ولورثته؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما كان من تلك الديون والأموال معترفا به ممن هو عليه فلكم أن تطالبوه به إلا أن يثبت عسره فيجب إنظاره حتى يتيسر له ما يسدد به ما عليه، قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.

أما ما ليس معترفا به منها، فإنه يعد من باب الدعوى، ولا بد من عرضها على القضاء لسماع حجج الطرفين وإثبات الحقوق بالبينات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
فإن حكم القضاء لكم فإذا شئتم أن تسامحوا من ثبتت عليهم تلك الحقوق والأموال؛ فإن ذلك أمر حسن وتؤجرون عليه إن شاء الله، وراجع الفتوى رقم: 124262.

أما جعل تلك الأموال صدقة جارية في ثواب والدكم قبل أن تقبضوها فالظاهر أنه لا يصح، لأن ما في الذمة لا يصح وقفه.

جاء في مغني المحتاج: (لا عبد وثوب) مثلا (في الذمة) سواء في ذلك ذمته وذمة غيره كأن يكون له في ذمة غيره عبد أو ثوب بسلم أو غيره فلا يصح وقفهما؛ إذ لا ملك والوقف إزالة ملك عن عين. اهـ

وفي مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: (الثاني كونه) ـ أي: الموقوف ـ (عينا) ف (لا) يصح وقف (ما في الذمة)، كقوله: وقفت دارا أو عبدا، ولو موصوفا؛ لأنه ليس بمعين. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني