الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فرق بين الفردوس ومنزلة الفردوس

السؤال

هل أحباب الله درجتهم في الفردوس الأعلى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الفردوس يطلق على الجنة عموما، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا {الكهف:107}، ويطلق الفردوس على منزلة خاصة من الجنة، وهي أعلاها درجة، كما في صحيح البخاري عن أنس بن مالك أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا نبي الله، ألا تحدثني عن حارثة -وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب- فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك، اجتهدت عليه في البكاء، قال: «يا أم حارثة؛ إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى».

قال ابن القيم ـ في تعداد أسماء الجنة ـ: الفردوس، قال تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً}، والفردوس اسم يقال على جميع الجنة، ويقال على أفضلها وأعلاها، كأنه أحق بهذا الاسم من غيره من الجنات، وأصل الفردوس البستان، والفراديس البساتين. اهـ.

وأما من وصفتهم بأحباب الله: فإن كل مؤمن صالح يحبه الله جل وعلا بقدر إيمانه وصلاحه، قال ابن تيمية: الدين لا يعمل به إلا المؤمنون الصالحون الذين هم أهل الجنة، وأحباب الله، وصفوته وأحباؤه وأولياؤه. اهـ.

وبعد هذا: فلا ريب في أن من يحبهم الله كلهم سيدخلون الفردوس بمعنى الجنة جميعها.

وأما منزلة الفردوس التي هي أعلى درجات الجنة، فليس لجميع من يدخل الجنة قطعا، وإلا لم يكن لها فضل أصلا، بل الفردوس الذي هو أعلى منازل الجنة إنما هو لفئة خاصة من المؤمنين، كما في الحديث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها»، قالوا: يا رسول الله، أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: «إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» أخرجه البخاري. ويدل على هذا أيضا حديث: يا أم حارثة؛ إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 296314.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني