الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الزوجة الطلاق للضرر النفسي

السؤال

تزوجت، وفي كل فترة تصلني أنباء عن علاقة زوجي بأخرى حتى اكتشفت إحداهن، فأبلغت أهله وبدأ يدافع بأنني السبب، ومنذ أربع سنوات تعرف على أخرى مطلقة ولديها أولاد، وحدث خروج بينهما بعيدا عن أعين الناس، ومن مبدأ: البينة على من ادعى ـ أبلغت والدته وبعض أهل الصلاح، فما كان منه ومن أهله ومن رأيته معها إلا التجريح وتشويه صورتي، مع العلم أنه يعرف عن بيتنا الالتزام، وتزوجها وكثر الكلام وأثر ذلك على أولادي، فهل يجوز طلاقي منه للضرر النفسي، حيث إنه خطيب وأولادي كانوا على وشك ختم القرآن؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا نود أن ننبه أولا إلى أن الأصل في المسلم السلامة، فلا يجوز أن يتهم بسوء لمجرد أخبار مشينة ترد عنه، فقد نهى الشرع عن سوء الظن، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.

وأمر الشرع بالتثبت في الأخبار، قال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.

ولو قدر أن اطلعت المرأة وثبت عندها أن زوجها يفعل فعلا محرما، فعليها أن تبذل له النصح بالحسنى عسى أن يتوب وينتهي الأمر، ولا ينبغي رفع الأمر إلى أهله أو غيرهم إن لم تدع لذلك حاجة، هذا مع الدعاء لزوجها أن يصلح الله حاله.

وزواج الرجل من أخرى أباحه له الشرع إن كان قادرا على العدل؛ كما قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}.

ويجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه، وإذا لم يؤد الزوج لزوجته حقها فلها أن تطالبه به.

وأما طلب الطلاق: فالأصل أنه منهي عنه شرعا، ففي الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة.

قال السندي في حاشيته على سنن ابن ماجه: أي في غير أن تبلغ من الأذى ما تعذر في سؤال الطلاق معها. اهـ.

فمجرد زواج الرجل على زوجته ليس من الضرر الذي يوجب التطليق عليه، قال الدردير: ولها ـ أي للزوجة ـ التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا؛ كهجرها بلا موجب شرعي وضربها........ لا بمنعها من حمام وفرجة وتأديبها على ترك صلاة أو تسر أو تزوج عليها.

أمّا سؤالها الطلاق أو الخلع إذا تأذت بزواج زوجها أو غيره من الأسباب بحيث أبغضت زوجها ولم تعد قادرة على القيام بحقّه، فلا حرج فيه، وراجعي الفتوى رقم: 236836.

ولكن ينبغي أن لا يغيب عنك أن المصلحة قد لا تكون في الطلاق، بل في الصبر والسعي في الإصلاح، لا سيما وقد رزقتما الأولاد، فقد تتشتت الأسرة ويضيع الأولاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني