الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إعانة المحاسب الشركة على التهرب من الضرائب

السؤال

أسأل الله أن يبارك في عملكم، وأن يتقبل منكم صالح الأعمال.
سؤالي كالتالي: أخي يعمل منذ سنتين في شركة للنظافة، كمحاسب، المشكلة أن مالك الشركة يقوم بشراء فواتير مزورة تعادل 30 في المئة من أرباح الشركة، وإضافتها إلى حساب الشركة، قصد التخفيف من أداء الضرائب، والإشكال عند أخي أنه هو وأصدقاؤه هم الذين يقومون بتسجيل هذه البيانات التي تحتوي على 30 في المائة من الفواتير المزورة، وهم مرغمون على ذلك، وهو متزوج، ولديه ابنتان ولله الحمد.
فهل يجب عليه أن يترك العمل أم يستمر فيه؟ ثم إنه قد وفر مبلغا قيمته 20000 درهم مغربي من راتبه، بالرغم من علمه بما يصنع مالك الشركة، لكنه لم يسأل عالما منذ هاتين السنتين.
فما حكم هذا المبلغ كذلك؟
للعلم فقط، فإن أخي كان ينوي الخروج من الشركة كي يعمل في التجارة بهذا المال، الذي جد جاهدا في توفيره بكل المقاييس، وقد كان يحرص على أن يوفر من هذا الراتب ما يستطيع، مع العلم أن عنده مدخولا بسيطا دون هذا الراتب، وهو إن شاء الله حلال، كان يطعم منه أهله.
أفتونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤلك نقاطا، نجيب عنها وفق ما يلي:

أولا: ما يفعله مدير الشركة من تزوير الفواتير للتهرب من الضرائب، وإعانة المحاسب له بتسجيلها، ينبني الحكم فيه على معرفة نوع تلك الضرائب، وهل هي من النوع المشروع، فيحرم التهرب منها والإعانة على ذلك، أم هي من النوع المحرم الظالم، فلا يحرم التهرب منها، ولا يأثم المحاسب بالإعانة عليه لو طلب منه ذلك؟ وانظر الفتوى رقم: 145961. وإحالاتها.

ثانيا: عمل أخيك محاسبا في تلك الشركة، لا حرج فيه من حيث الأصل، إذا كان نشاطها مباحا. وأما ما قد يطلبه المدير من المحاسب أوغيره من الموظفين، إذا كان فيه حرمة، وليس من أصل العقد، فلا يجوز له طاعته فيه، لكنه لا يؤثر على الوظيفة المباحة، ولا في الراتب المقبوض مقابلها. فالمحرم المذكور عارض، قد يطلبه المدير وقد لا يطلبه، وليس من ضمن العقد، ولا هو لازم له، ولم يستأجر العامل لفعله بخصوصه، وليس له راتب مخصوص، والأجرة تملك بالعقد على الراجح، وهي على عمل مباح.

جاء في المغني: المؤجر يملك الأجرة بمجرد العقد، إذا أطلق ولم يشترط المستأجر أجلا، كما يملك البائع الثمن بالبيع. اهـ.

ثالثا: ليس للموظف ولا لغيره إعانة الآثم على إثمه، ولو كان مديرا أو غيره، وبالتالي فإن كانت الضرائب من النوع المشروع وفق ما بيناه سابقا، فبين لأخيك أنه ليس له إعانة المدير على التهرب منها بتسجيل الفواتير المزورة، ولو أدى رفضه لذلك إلى أن يفصل من العمل، ومن ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، إلا إذا كان لا يجد وسيلة يكسب منها نفقته ونفقة من يعول، وليس له مال ينفق منه، فله البقاء حينئذ وعمل ما طلب منه مع كرهه لذلك، وبحثه عن عمل لا يؤمر فيه بفعل ما لا يجوز.

وأما لو كانت الضرائب من النوع المحرم، فلا حرج عليه فيما يفعل من إعانة المدير على التهرب منها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني